المحكمة الجنائية الدولية: تحليل شامل لدورها وتحدياتها وموقف المغرب
I. الملخص التنفيذي
تعد المحكمة الجنائية الدولية (ICC) مؤسسة قضائية دولية دائمة ذات أهمية بالغة، أُنشئت بهدف محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره. يهدف هذا التقرير إلى تقديم نظرة عامة متعمقة عن المحكمة، بدءًا من تأسيسها وإطارها القانوني، مرورًا بمبادئها التشغيلية، وصولًا إلى التحديات الجسيمة التي تواجهها، بما في ذلك التدخلات السياسية وقضايا التعاون الدولي. كما سيتناول التقرير موقف المملكة المغربية من نظام المحكمة، مسلطًا الضوء على التوازن بين الالتزامات الدولية والاعتبارات الوطنية.
II. مقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية
التأسيس والسياق التاريخي
تأسست المحكمة الجنائية الدولية كأول محكمة جنائية دولية دائمة تستند إلى معاهدة في 17 يوليو 1998، مع اعتماد نظام روما الأساسي.1 يمثل هذا الحدث نقطة تحول تاريخية، حيث قررت الدول لأول مرة قبول ولاية محكمة جنائية دولية دائمة لمحاكمة مرتكبي أخطر الجرائم المرتكبة في أراضيها أو من قبل مواطنيها بعد دخول نظام روما الأساسي حيز النفاذ في 1 يوليو 2002.1
نشأت فكرة إنشاء محكمة دولية دائمة لمعالجة الفظائع في وقت مبكر من عام 1948، عقب اعتماد اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.1 اكتسب المفهوم زخمًا متجددًا بعد نهاية الحرب الباردة، مدفوعًا بالجرائم البشعة المرتكبة في إقليم يوغوسلافيا السابقة وفي رواندا.1 تتميز المحكمة الجنائية الدولية بكونها كيانًا مستقلًا ودائمًا، على عكس المحاكم المخصصة التي أُنشئت لمعالجة حالات محددة، مثل المحكمتين الخاصتين بيوغوسلافيا ورواندا، والتي كانت تتمتع بولاية محدودة.1 كما أنها تختلف عن محكمة العدل الدولية، التي تعد الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لتسوية النزاعات بين الدول، بينما تركز المحكمة الجنائية الدولية على محاكمة الأفراد.1
المهمة والأهداف الأساسية
تتمثل المهمة الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية في التحقيق مع الأفراد المتهمين بارتكاب أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي ككل، ومحاكمتهم، وهي جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجريمة العدوان.1 يهدف أحد الأهداف الجوهرية للمحكمة إلى المساعدة في وضع حد لإفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب، وبالتالي المساهمة في منع وقوع مثل هذه الجرائم.1 تسعى المحكمة إلى مساءلة المسؤولين عن جرائمهم والمساعدة في منع تكرارها.2
يكشف السياق التاريخي للمحكمة عن تطور واضح من المحاكم المخصصة، التي كانت رد فعلية ومحدودة النطاق، إلى مؤسسة دائمة تستند إلى معاهدة. يشير هذا التطور إلى تحول في الفكر القانوني الدولي من آليات العدالة الرد فعلية بعد النزاعات إلى هيئة دائمة استباقية مصممة للتطبيق المستمر للقانون الجنائي الدولي. هذا التحول يعكس التزامًا عالميًا، على الرغم من التحديات، بتطبيق أكثر اتساقًا وعالمية للعدالة فيما يتعلق بالجرائم الدولية الخطيرة، متجاوزًا الاستجابات المخصصة لأزمات محددة.
إن مهمة المحكمة لا تقتصر على العقاب فحسب، بل تمتد لتشمل ردع الفظائع المستقبلية. التأكيد على أن المحكمة تهدف إلى "المساعدة في وضع حد للإفلات من العقاب... وبالتالي المساهمة في منع هذه الجرائم" 1، و"مساءلة المسؤولين عن جرائمهم والمساعدة في منع تكرارها" 2، يبرز البعد المستقبلي لعمل المحكمة. هنا، تعمل عملية الملاحقة القضائية كرادع، مما يؤثر على سلوك الدول والأفراد. ومع ذلك، فإن فعالية هذا الجانب الوقائي تعتمد على شرعية المحكمة المتصورة وقدراتها التنفيذية، وهي جوانب ستتم مناقشتها لاحقًا.
III. الإطار القانوني والولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية
نظام روما الأساسي: أساس المحكمة
يُعد نظام روما الأساسي، الذي اعتُمد في 17 يوليو 1998، المعاهدة الدولية التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية.1 يحدد هذا النظام الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة، وقواعد الإجراءات، وآليات تعاون الدول مع المحكمة.1 الدول التي قبلت هذه القواعد تُعرف بالدول الأطراف ويتم تمثيلها في جمعية الدول الأطراف.1
الجرائم ضمن ولاية المحكمة الجنائية الدولية
تقتصر ولاية المحكمة الجنائية الدولية على أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي ككل.3 هذه الجرائم هي:
جريمة الإبادة الجماعية (المادة 6): تُعرّف بأنها أي من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، مثل قتل أفراد الجماعة، أو إلحاق ضرر جسدي أو نفسي جسيم بهم، أو إخضاعهم عمدًا لظروف معيشية يُقصد بها إحداث تدميرهم المادي كليًا أو جزئيًا، أو فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة، أو النقل القسري للأطفال.3
الجرائم ضد الإنسانية (المادة 7): تُعرّف بأنها أفعال مختلفة (مثل القتل، الإبادة، الاسترقاق، التعذيب، الاغتصاب، الاضطهاد، الاختفاء القسري، الفصل العنصري، وغيرها من الأفعال اللاإنسانية) عندما تُرتكب كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة سكانية مدنية، مع العلم بالهجوم.3
جرائم الحرب (المادة 8): تشمل الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لقوانين وأعراف النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. تتضمن أمثلة ذلك القتل العمد، التعذيب، المعاملة اللاإنسانية، تدمير الممتلكات، إجبار الأفراد على الخدمة في قوات معادية، حرمان من محاكمة عادلة، الترحيل غير القانوني، أخذ الرهائن، مهاجمة المدنيين، النهب، الاغتصاب، واستخدام الأسلحة المحظورة.3
جريمة العدوان (المادة 8 مكرر): تمارس المحكمة ولايتها على هذه الجريمة بمجرد اعتماد نص يحدد الجريمة ويضع الشروط التي تمارس المحكمة بموجبها ولايتها فيما يتعلق بهذه الجريمة، بما يتفق مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة.3
مبادئ الولاية القضائية (الشخصية، المكانية، الزمنية)
يمكن للمحكمة أن تمارس ولايتها في الحالات التي يكون فيها الجاني المزعوم مواطنًا لدولة طرف أو عندما تُرتكب الجريمة في إقليم دولة طرف.1 يمكن لدولة غير طرف في النظام الأساسي أن تقرر أيضًا قبول ولاية المحكمة الجنائية الدولية.1 تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تحاكم الأفراد، وليس الجماعات أو الدول.1
إن إدراج جريمة العدوان (المادة 8 مكرر) كجريمة ستمارس المحكمة ولايتها عليها "بمجرد اعتماد نص" يحددها ويضع شروط الولاية القضائية 3، يشير إلى أن نظام روما الأساسي ليس وثيقة جامدة، بل هو مصمم للتطور. هذا يدل على بصيرة في صياغة النظام الأساسي، مما يسمح بتوسيع الولاية القضائية لتشمل فئات جديدة من الجرائم مع تطور الإجماع الدولي، مما يعكس إطارًا قانونيًا ديناميكيًا بدلاً من إطار ثابت. وهذا يعني أيضًا وجود جهود دبلوماسية وقانونية مستمرة بين الدول الأطراف لتحقيق الإمكانات الكاملة للنظام الأساسي.
يُعد تركيز المحكمة على الأفراد بدلاً من الدول أو الجماعات حجر الزاوية في نهجها. يوضح النص صراحة أن "المحكمة الجنائية الدولية تحاكم الأفراد، وليس الجماعات أو الدول".1 هذا مبدأ أساسي يميز القانون الجنائي الدولي عن مسؤولية الدول. يهدف هذا المبدأ إلى تجاوز الحماية التقليدية لسيادة الدولة لمرتكبي الجرائم الخطيرة، ومساءلة أفراد محددين، وهو أمر بالغ الأهمية لكسر حلقات الإفلات من العقاب. وهذا يعني أن حتى كبار المسؤولين يمكن أن يتحملوا مسؤولية شخصية، بغض النظر عن وضع دولتهم أو أفعالها.
IV. مبدأ التكاملية: علاقة المحكمة الجنائية الدولية بالولايات القضائية الوطنية
فهم التكاملية: محكمة الملاذ الأخير
يُعد مبدأ التكاملية أساس العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية. ويعني ذلك أن المحكمة الجنائية الدولية تتمتع بـ "ولاية قضائية ثانوية" بعد المحاكم الوطنية.5 لا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل إلا إذا كانت الدول المعنية غير راغبة أو غير قادرة على إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية حقيقية للجرائم التي تقع ضمن ولايتها.1 إنها "محكمة الملاذ الأخير".2 يتم تنفيذ هذا المبدأ من خلال المادتين 17 و 53 من نظام روما الأساسي، اللتين تتناولان مقبولية القضايا.6
الآثار المترتبة على سيادة الدولة والملاحقات القضائية الوطنية
يحترم مبدأ التكاملية الولاية القضائية الأساسية للدول في وضع حد للإفلات من العقاب على أخطر الجرائم.6 تحتفظ الدول بالحق والمسؤولية الأساسيين لإجراء المحاكمات لأي جرائم تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.7 إن ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لولايتها في موقف معين لا يمنع الدول الإقليمية أو غيرها من الدول المختصة من التحقيق في فظائع أخرى قد تقع ضمن ولاية المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة مرتكبيها قضائيًا. يجب على المحكمة الجنائية الدولية والدول العمل معًا لضمان معالجة جميع الفظائع.6
يوفر تعزيز الإجراءات الوطنية العديد من المزايا: القرب من الضحايا والمجتمعات المتضررة (مما يتيح مشاركتهم)، والقرب من مسارح الجرائم (مما يسهل جمع الأدلة)، ووجود هيئات الشرطة وإنفاذ القانون لتنفيذ أوامر الاعتقال بطريقة أبسط، وكونها أكثر فعالية من حيث الوقت والتكلفة، وتعزيز ثقافة سيادة القانون والشرعية داخل الدول الأطراف.6
بينما صُمم مبدأ التكاملية لاحترام سيادة الدول وتشجيع الملاحقات القضائية الوطنية، فإن فعاليته غالبًا ما تُقوض بسبب الظروف التي يتناولها (عدم رغبة الدول أو عدم قدرتها). ينص المبدأ على أن المحكمة تتدخل فقط عندما تكون الأنظمة الوطنية "غير راغبة أو غير قادرة".1 ومع ذلك، يشير نص آخر إلى أن "حوالي نصف الدول الأطراف فقط قد اعتمدت تشريعات تنفيذية لتعزيز قوانينها المحلية، وتدريب القضاة والمحامين، وتحسين أنظمة العقوبات".7 هذا يخلق فجوة: فالمثال هو الملاحقة القضائية الوطنية القوية، لكن الواقع غالبًا ما يكون قدرة ضعيفة أو غير موجودة، مما يجبر المحكمة على التدخل، ومع ذلك فإن قدرتها محدودة أيضًا. هذا يسلط الضوء على تحدٍ منهجي حيث يقع عبء العدالة غالبًا على محكمة ذات موارد محدودة لأن الدول تفشل في الوفاء بمسؤوليتها الأساسية.
إن مبدأ التكاملية، من خلال التأكيد على المسؤولية الوطنية، يشجع الدول ضمنيًا على تعزيز أنظمتها القانونية المحلية لتجنب تدخل المحكمة الجنائية الدولية. إذا كانت الدول ترغب حقًا في الاحتفاظ بالولاية القضائية الأساسية وتجنب التدخل الخارجي، فيجب عليها إظهار الرغبة والقدرة على الملاحقة القضائية. هذا يخلق حافزًا للإصلاحات القانونية، وبناء القدرات (تدريب القضاة والمدعين العامين والشرطة)، والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. بينما تتمتع المحكمة بـ "قدرة محدودة جدًا على مساعدة الدول التي تفتقر إلى تطوير القدرات الوطنية" 7، فإن وجود المبدأ نفسه يعمل كضغط معياري على الدول للاستثمار في بنيتها التحتية المحلية لسيادة القانون.
V. هيكل وأجهزة المحكمة الجنائية الدولية
تتكون المحكمة الجنائية الدولية من ثلاثة أجهزة رئيسية:
الدوائر (الوظيفة القضائية):
تتألف الدوائر من القضاة، وهي منظمة في ثلاث دوائر ابتدائية ودائرة استئناف. وتساعدها فرق الدعم القانوني للدوائر.8
يقوم قضاة المحكمة الجنائية الدولية بإجراءات قضائية ويضمنون عدالة الإجراءات.2
يتم ضمان حقوق المتهمين، مما يضمن إجراءات علنية وعادلة يمكنهم متابعتها بلغة يفهمونها تمامًا.2
مكتب المدعي العام (التحقيق والملاحقة القضائية):
مسؤول عن تلقي الإحالات وأي معلومات موثقة عن الجرائم، وفحصها، وإجراء التحقيقات والملاحقات القضائية أمام المحكمة.9
يعمل مكتب المدعي العام بشكل مستقل كجهاز منفصل عن المحكمة الجنائية الدولية، ويتمتع المدعي العام بسلطة كاملة على إدارته وتنظيمه.9
يبدأ المدعي العام الإجراءات الجنائية بعد تفعيل ولاية المحكمة عن طريق إحالة حالة من قبل دولة طرف، أو إحالة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أو إذن.9
عند الانتهاء من التحقيق، يحدد المدعي العام ما إذا كان هناك أساس كاف للملاحقة القضائية.9
يمكن للدائرة التمهيدية مراجعة قرار المدعي العام بعدم التحقيق أو الملاحقة القضائية، بناءً على طلب الدولة المحيلة أو مجلس الأمن.9
قلم المحكمة (الإدارة والدعم):
على الرغم من عدم تفصيله صراحة في المقتطفات المقدمة، فإن النص يشير إلى قلم المحكمة كأحد الأجهزة الرئيسية الثلاثة 8، مما يدل على دوره الإداري والدعمي الحيوي لعمليات المحكمة.
يُعد هيكل المحكمة الجنائية الدولية مصممًا لضمان استقلالية المدعي العام مع توفير رقابة قضائية. يتمتع المدعي العام بالاستقلالية 9، ولكن قراراته بعدم الملاحقة القضائية يمكن مراجعتها من قبل الدائرة التمهيدية.9 تهدف هذه الآلية الداخلية للضوابط والتوازنات إلى ضمان المساءلة ومنع القرارات التعسفية داخل وظيفة الادعاء، مما يعزز التزام المحكمة بالإجراءات القانونية الواجبة والعدالة. كما أنها توفر حماية ضد الضغوط السياسية المحتملة على المدعي العام.
إن استقلالية المدعي العام التشغيلية 9 أمر بالغ الأهمية، ولكن الفعالية الشاملة للمحكمة لا تزال تعتمد على التعاون الخارجي. يتمتع المدعي العام بـ "سلطة كاملة على إدارة وتنظيم المكتب، بما في ذلك الموظفون والمرافق والموارد الأخرى".9 هذا يضمن الاستقلالية الداخلية. ومع ذلك، يكشف السياق الأوسع لتحديات المحكمة 7 أنه حتى مع وجود مدع عام مستقل، فإن قدرة المحكمة على تنفيذ أوامر الاعتقال، وحماية الشهود، وإنفاذ الأحكام تعتمد كليًا على الإرادة السياسية وتعاون الدول، وهو ما غالبًا ما يكون غير متسق. هذا يخلق توترًا حيث تكون الاستقلالية الداخلية قوية، لكن القدرة التشغيلية الخارجية عرضة للإرادة السياسية.
VI. نظرة عامة على العمليات والقضايا البارزة
عملية التحقيقات والملاحقات القضائية
تقوم المحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق مع الأفراد ومحاكمتهم.2 يتلقى مكتب المدعي العام المعلومات، ويفحصها، ويجري التحقيقات.9 تُجرى الفحوصات الأولية قبل فتح التحقيقات الرسمية. خلال هذه المرحلة، تقيّم المحكمة ما إذا كانت التحقيقات أو الملاحقات القضائية الحقيقية جارية على المستوى الوطني وما إذا كانت الجرائم المحتملة تفي بعتبة الخطورة.5 يصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال.2 يتم ضمان حقوق المتهمين طوال الإجراءات، بما في ذلك المحاكمات العلنية والعادلة.2 ولدى المحكمة الجنائية الدولية برنامج لحماية الضحايا والشهود.2
القضايا الرئيسية ونتائجها
حتى مارس 2025، كان هناك 33 قضية أمام المحكمة، مع إصدار 61 أمر اعتقال. تم احتجاز 22 شخصًا وظهروا أمام المحكمة، بينما لا يزال 30 شخصًا طلقاء.2
أمثلة على الإدانات:
توماس لوبانغا ديلو (جمهورية الكونغو الديمقراطية): أدين بجرائم حرب (تجنيد الأطفال)، وحكم عليه بالسجن 14 عامًا.10
بوسكو نتاغاندا (جمهورية الكونغو الديمقراطية): أدين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وحكم عليه بالسجن 30 عامًا.10
جيرمان كاتانغا (جمهورية الكونغو الديمقراطية): أدين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وحكم عليه بالسجن 12 عامًا.10
دومينيك أونغوين (أوغندا): أدين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وحكم عليه بالسجن 25 عامًا.10
أحمد الفقي المهدي (مالي): أدين بجرائم حرب (تدمير التراث الثقافي)، وحكم عليه بالسجن 9 سنوات.10
الحسن أغ عبد العزيز (مالي): أدين بجرائم حرب، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات.10
أمثلة على البراءات/رفض التهم:
ماثيو نغودجولو تشوي (جمهورية الكونغو الديمقراطية): برئ.10
كاليكست مباريشيمانا (جمهورية الكونغو الديمقراطية): رُفضت التهم، وأُطلق سراحه.10
جان بيير بيمبا (جمهورية إفريقيا الوسطى): أدين ولكن برئ عند الاستئناف.10
بحر إدريس أبو قردة (دارفور، السودان): رُفضت التهم.10
القضايا الجارية/الهاربون:
علي محمد علي عبد الرحمن (دارفور، السودان): المحاكمة جارية.10
جوزيف كوني (أوغندا): ليس في حجز المحكمة الجنائية الدولية.10
رودريغو دوتيرتي (الفلبين): وجهت إليه تهمة، وهو في حجز المحكمة الجنائية الدولية، ومن المقرر عقد جلسة تأكيد التهم.10
عمر البشير (السودان): صدر أمر اعتقال بحقه في عام 2009، لكن لم يتم اعتقاله.11
فلاديمير بوتين (أوكرانيا): صدر أمر اعتقال بحقه، لكن كان له "تأثير ملموس ضئيل" على الحرب في أوكرانيا.11
بنيامين نتنياهو (فلسطين): طلب أمر اعتقال، لكن لم يصدر بعد.11
إن التباين بين أوامر الاعتقال الصادرة (61) والأفراد المحتجزين (22) 2 يسلط الضوء على تحدٍ حاسم في التنفيذ. يمكن للمحكمة إصدار أوامر الاعتقال وإجراء المحاكمات، لكنها تفتقر إلى قوة شرطة خاصة بها أو آلية تنفيذ. يوضح النص أن "التنفيذ موكل إلى الدول" وأن "المحكمة ليس لديها أدوات لإنفاذ قراراتها الخاصة".7 هذا يخلق نقطة ضعف أساسية حيث تكون السلطة القضائية للمحكمة قوية، لكن قدرتها العملية على تقديم الأفراد إلى العدالة تعتمد على الإرادة السياسية وتعاون الدول، وهو ما غالبًا ما يكون غير متسق. وهذا يؤثر بشكل مباشر على شرعية المحكمة وقدرتها على الوفاء بولايتها.
إن وجود أحكام بالبراءة (مثل ماثيو نغودجولو تشوي، جان بيير بيمبا) ورفض التهم (مثل كاليكست مباريشيمانا، بحر إدريس أبو قردة) 10 أمر بالغ الأهمية لعدالة المحكمة المتصورة والتزامها بالإجراءات القانونية الواجبة. في نظام غالبًا ما يُنتقد لتركيزه على مناطق معينة أو لكونه مدفوعًا سياسيًا، تُظهر أحكام البراءة الفعلية أن المحكمة ليست مجرد آلة إدانة. وهذا يعني أن حقوق المتهمين يتم احترامها بالفعل (كما هو مذكور في 2) وأن الادعاء يجب أن يفي بعبء إثبات عالٍ. وهذا يعزز النزاهة القضائية للمحكمة وحيادها، مما يقاوم روايات التحيز.
جدول: ملخص القضايا الرئيسية للمحكمة الجنائية الدولية ونتائجها
الاسم | الحالة/البلد | الجرائم المتهم بها | تاريخ الاتهام | تاريخ المثول الأول | تأكيد التهم (التاريخ/النتيجة) | تواريخ المحاكمة | نتيجة المحاكمة | نتيجة الاستئناف | الوضع الحالي |
توماس لوبانغا ديلو | جمهورية الكونغو الديمقراطية | جرائم حرب | 10 فبراير 2006 | 20 مارس 2006 | 29 يناير 2007 (مؤكدة) | 26 يناير 2009 - 26 أغسطس 2011 | مدان (14 سنة) | 1 ديسمبر 2014 (تأكيد) | قضى مدة الحكم |
بوسكو نتاغاندا | جمهورية الكونغو الديمقراطية | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 22 أغسطس 2006، 13 يوليو 2012 | 26 مارس 2013 | 9 يونيو 2014 (مؤكدة) | 2 سبتمبر 2015 - 30 أغسطس 2018 | مدان (30 سنة) | 30 مارس 2021 (تأكيد) | في حجز السلطات البلجيكية |
جيرمان كاتانغا | جمهورية الكونغو الديمقراطية | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 2 يوليو 2007 | 22 أكتوبر 2007 | 26 سبتمبر 2008 (مؤكدة) | 24 نوفمبر 2009 - 23 مايو 2012 | مدان (12 سنة) | توقفت الاستئنافات | قضى مدة الحكم |
ماثيو نغودجولو تشوي | جمهورية الكونغو الديمقراطية | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 6 يوليو 2007 | 11 فبراير 2008 | 26 سبتمبر 2008 (مؤكدة) | 24 نوفمبر 2009 - 23 مايو 2012 | برئ | 27 فبراير 2015 (تأكيد البراءة) | برئ |
كاليكست مباريشيمانا | جمهورية الكونغو الديمقراطية | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 28 سبتمبر 2010 | 28 يناير 2011 | 16 ديسمبر 2011 (رفضت) | - | رُفضت التهم | - | رُفضت التهم، أُطلق سراحه |
دومينيك أونغوين | أوغندا | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 23 مارس 2016 | 26 يناير 2015 | 23 مارس 2016 (مؤكدة) | 6 ديسمبر 2016 - 12 مارس 2020 | مدان (25 سنة) | 15 ديسمبر 2022 (تأكيد) | في حجز السلطات النرويجية |
جان بيير بيمبا | جمهورية إفريقيا الوسطى | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 23 مايو 2008، 10 يونيو 2008 | 4 يوليو 2008 | 15 يونيو 2009 (مؤكدة) | 22 نوفمبر 2010 - 13 نوفمبر 2014 | مدان | 8 يونيو 2018 (برئ) | برئ |
أحمد الفقي المهدي | مالي | جرائم حرب | 18 سبتمبر 2015 | 30 سبتمبر 2015 | 24 مارس 2016 (مؤكدة) | 22 أغسطس 2016 - 24 أغسطس 2016 | مدان (9 سنوات) | - | قضى مدة الحكم |
الحسن أغ عبد العزيز | مالي | جرائم حرب | 27 مارس 2018 | 4 أبريل 2018 | 30 سبتمبر 2019 (مؤكدة) | 14 يوليو 2020 - 25 مايو 2023 | مدان (10 سنوات) | - | مدان، سيتم الإفراج عنه بحلول 2028 |
علي محمد علي عبد الرحمن | دارفور، السودان | - | 2 مايو 2007 | 15 يونيو 2020 | 9 يوليو 2021 (مؤكدة) | 5 أبريل 2022 - مستمر | المحاكمة جارية | - | في حجز المحكمة الجنائية الدولية |
رودريغو دوتيرتي | الفلبين | - | 7 مارس 2025 | 14 مارس 2025 | 23 سبتمبر 2025 (مجدولة) | - | - | - | في حجز المحكمة الجنائية الدولية |
جوزيف كوني | أوغندا | جرائم ضد الإنسانية، جرائم حرب | 8 يوليو 2005 | - | - | - | - | - | ليس في حجز المحكمة الجنائية الدولية |
عمر البشير | السودان | جرائم حرب، إبادة جماعية، جرائم ضد الإنسانية | 2009 | - | - | - | - | - | طليق |
فلاديمير بوتين | أوكرانيا | جرائم حرب | - | - | - | - | - | - | طليق |
بنيامين نتنياهو | فلسطين | - | - | - | - | - | - | - | طلب أمر اعتقال، لم يصدر بعد |
VII. التحديات والانتقادات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية
قضايا التدخل السياسي والتحيز المتصور
واجهت المحكمة الجنائية الدولية انتقادات كبيرة، لا سيما بسبب "هوس" متصور بأفريقيا وترددها في متابعة التحقيقات في الجرائم التي يرتكبها مواطنون من دول أوروبية أو أمريكية.11 تفاقمت هذه الانتقادات بسبب قضايا مثل أمر الاعتقال الصادر بحق الرئيس السوداني عمر البشير (رئيس دولة غير طرف) بينما لم تبدأ في الوقت نفسه تحقيقات رسمية في جرائم مزعومة ارتكبها جنود من دول أطراف في أفغانستان.11 ساهم الفشل في التحقيق في جرائم الحرب المزعومة في العراق (2003) والتركيز الانتقائي على طالبان في أفغانستان مع تجاهل الجرائم المزعومة التي تورط فيها أفراد أمريكيون في إثارة الشكوك حول حياد المحكمة الجنائية الدولية.11
يُلاحظ "معيار مزدوج مستمر" في الاستجابات الدولية، يتجلى في الدعم القوي للتحقيق في أوكرانيا (أمر اعتقال بوتين) مقابل التهديدات والتشكيك في صحة التحقيقات في فلسطين (أمر اعتقال نتنياهو المحتمل).11 تثير هذه الإجراءات مخاوف بشأن حياد المحكمة وفعاليتها، مما يؤثر على مصداقيتها وتأثيرها على المدى الطويل.11
تخلق الانتقادات المتعلقة بالتحيز المتصور والتطبيق الانتقائي (مثل "هوس أفريقيا"، والتردد في محاكمة مواطني الدول الغربية) 11 "فخًا للشرعية" للمحكمة الجنائية الدولية. إذا اعتُبرت المحكمة متأثرة سياسيًا أو متحيزة، فإن هذا يقوض مصداقيتها.11 يؤدي تآكل المصداقية هذا بدوره إلى تقليل رغبة الدول في التعاون 7، مما يؤدي إلى صعوبات في تنفيذ أوامر الاعتقال وملاحقة القضايا. يؤدي هذا النقص في التنفيذ إلى زيادة تعزيز التصور بعدم الفعالية والتحيز، مما يخلق حلقة مفرغة تقوض مهمة المحكمة الأساسية. يوضح التباين في ردود الفعل الدولية على الوضعين في أوكرانيا وفلسطين 11 هذا الفخ بوضوح.
التحديات في تعاون الدول وإنفاذ أوامر الاعتقال
ينص نظام روما الأساسي على أن تنفيذ قرارات المحكمة موكل إلى الدول، مما يعني أنه يجب على الدول المساعدة في تنفيذ أوامر الاعتقال، وتقديم الأدلة، وحماية الشهود، وإنفاذ الأحكام.7 يمكن أن يؤدي نقص التعاون المستمر من جانب الدول إلى تقويض قدرة المحكمة الجنائية الدولية على تحقيق العدالة بشكل كبير، على الرغم من أن التعاون التزام بموجب المعاهدة.7 في الحالات التي أحالها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (مثل السودان وليبيا)، لم تحدث أي اعتقالات أو محاكمات، ولم يقدم مجلس الأمن الدعم اللازم.7 يمكن أن يكون تأثير أوامر الاعتقال محدودًا، كما يتضح من أمر اعتقال بوتين، الذي كان له "تأثير ملموس ضئيل على الحرب في أوكرانيا".11
آليات التمويل والقيود
يتوقع نظام روما الأساسي واتفاق العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة أن تساعد الأمم المتحدة في تمويل التحقيقات والملاحقات القضائية المكلفة الناجمة عن إحالات مجلس الأمن.7 ومع ذلك، فإن أحد الانتقادات الهامة هو إدراج أحكام في القرارات (مثل السودان وليبيا) تحظر استخدام أموال الأمم المتحدة لمساعدة المحكمة الجنائية الدولية، مما يحول العبء المالي إلى الدول الأطراف.7
إن نقص تمويل الأمم المتحدة للإحالات من مجلس الأمن 7 ليس مجرد قضية مالية بل هو قضية سياسية. يحيل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية، مما يعني التزامًا عالميًا بالعدالة. ومع ذلك، من خلال حظر أموال الأمم المتحدة لهذه القضايا، يقع العبء المالي بشكل غير متناسب على الدول الأطراف. يمكن تفسير ذلك على أنه مناورة سياسية من قبل دول قوية معينة (بما في ذلك تلك التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة) للحد من النطاق التشغيلي ونفوذ المحكمة، خاصة في الحالات التي قد تكون حساسة سياسيًا بالنسبة لهم. وهذا يوضح كيف يمكن استخدام الآليات المالية لممارسة سيطرة غير مباشرة أو قيود على هيئة قضائية مستقلة ظاهريًا.
تأثير ضعف الأنظمة القضائية الوطنية
تُعيق مكافحة الإفلات من العقاب بسبب ضعف الأنظمة القضائية الوطنية. لم تعتمد سوى حوالي نصف الدول الأطراف تشريعات تنفيذية لتعزيز قوانينها المحلية، وتدريب الموظفين، وتحسين أنظمة العقوبات.7 تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بقدرة محدودة على مساعدة الدول في تطوير قدراتها الوطنية، مما يعني أن الجزء الأكبر من هذا العمل يقع على عاتق شركاء المحكمة.7
VIII. مشاركة المغرب مع المحكمة الجنائية الدولية
وضع المغرب فيما يتعلق بنظام روما الأساسي
وقع المغرب على نظام روما الأساسي منذ اثني عشر عامًا (اعتبارًا من فبراير 2012) لكنه لم يكمل بعد الإجراءات اللازمة ليصبح دولة طرفًا.12 يُصنف المغرب ضمن "الدول الموقعة التي لم تصدق" على نظام روما الأساسي.13
أسباب عدم التصديق والمخاوف الوطنية
يُعد أحد الأسباب الرئيسية لعدم تصديق المغرب هو الخوف العام من تسييس المحكمة، مما يؤدي إلى مخاوف بشأن ازدواجية المعايير وفقدان مصداقية المحكمة الجنائية الدولية.12 تشمل المخاوف المحددة التي أبرزها أصحاب المصلحة المغاربة عدم كفاية فحص المحكمة الجنائية الدولية للأوضاع في فلسطين والعراق.12 أوضحت الكاتبة ليلى حنفي أن قدرة المحكمة على العمل تعتمد على قبول الدولة للولاية القضائية أو إحالة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن المحكمة الجنائية الدولية لا تتحكم في إحالات مجلس الأمن.12
الإصلاحات القانونية الجارية وجهود المواءمة
ينخرط المغرب بنشاط في الجهود المستمرة لمواءمة تشريعاته الوطنية مع نظام روما الأساسي.12 تجري إصلاحات قضائية، وتؤكد التعديلات الأخيرة على الدستور والقانون الجنائي طموح المغرب في التصديق على النظام الأساسي، مما يمهد الطريق لقبول عالمي للمحكمة الجنائية الدولية.12 يعلن الدستور المعتمد حديثًا التزام المغرب بحقوق الإنسان العالمية ويؤكد سمو القانون الدولي على التشريعات الوطنية.12 بينما لا يُذكر "الإفلات من العقاب" صراحة، فإن الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان تُدان بشدة ضمن الإطار القانوني المغربي.12 سيكون التصديق على النظام الأساسي متسقًا مع التزام المغرب بدعم حقوق الإنسان وسيتطلب من نظامه القضائي الجنائي التكيف مع المعايير الدولية المتطورة.12 كما يُسلط الضوء على أهمية المحكمة الجنائية الدولية في توصيل مهمتها بفعالية إلى الجمهور المغربي لكسب القبول.12
يعكس موقف المغرب توترًا شائعًا بين الدول بين الحفاظ على السيادة الوطنية والالتزام بالأطر القانونية الدولية. وقع المغرب على نظام روما الأساسي، مما يشير إلى رغبة أولية في المشاركة، لكنه لم يصدق عليه بسبب مخاوف بشأن التسييس وازدواجية المعايير المتصورة.12 في الوقت نفسه، يقوم بإصلاحات قانونية داخلية مهمة للمواءمة مع مبادئ النظام الأساسي.12 يشير هذا إلى استراتيجية لاستيعاب معايير حقوق الإنسان الدولية وتعزيز نظامه القضائي المحلي، ربما كوسيلة لمعالجة المخاوف بشأن الإفلات من العقاب دون التنازل الكامل عن الولاية القضائية لهيئة دولية يُنظر إليها على أنها قد تكون متحيزة. إنه نهج محسوب للمشاركة القانونية الدولية، يمنح الأولوية للسيطرة الوطنية المتصورة مع إظهار الالتزام بحقوق الإنسان.
يؤكد التركيز على ضرورة قيام المحكمة الجنائية الدولية بتوصيل مهمتها بفعالية إلى الجمهور المغربي 12 على أهمية الدعم العام والمجتمع المدني للتصديق على المعاهدات. يشير النص صراحة إلى أن المحكمة بحاجة إلى "توصيل مهمتها بفعالية أكبر إلى الجمهور في المغرب إذا أرادت كسب القبول لقدرتها على العمل كوصي على القانون الجنائي الدولي".12 هذا يدل على أن قرار التصديق ليس قرارًا قانونيًا أو سياسيًا بحتًا تتخذه النخب، بل يتأثر أيضًا بالرأي العام ودعوة المجتمع المدني. يمكن أن تخلق التصورات السلبية (مثل التحيز والتسييس) مقاومة داخلية، مما يجعل التصديق تحديًا سياسيًا، حتى لو كان التوافق القانوني يتقدم. وهذا يسلط الضوء على التفاعل بين القانون الدولي والسياسة المحلية والدبلوماسية العامة.
IX. الخلاصة: التوقعات المستقبلية وأهمية المحكمة الجنائية الدولية
تؤكد المحكمة الجنائية الدولية دورها الحيوي في الكفاح العالمي ضد الإفلات من العقاب على الجرائم الفظيعة. على الرغم من التحديات المتأصلة التي تواجهها، لا سيما فيما يتعلق بتعاون الدول، والتدخل السياسي، والقيود المتأصلة في طبيعتها التكميلية، فإن المحكمة تظل ركيزة أساسية للعدالة الدولية. تُعد الجهود المستمرة التي تبذلها دول مثل المغرب لمواءمة تشريعاتها الوطنية مع نظام روما الأساسي، حتى في غياب التصديق الكامل، دليلًا على التأثير الواسع النطاق لهذا النظام. يعتمد مستقبل المحكمة الجنائية الدولية وفعاليتها على التزام متجدد من المجتمع الدولي بدعم مبادئ العدالة العالمية، وضمان التعاون المتسق، ومعالجة تصورات التحيز لتعزيز شرعيتها وتأثيرها الرادع.
تعليقات
إرسال تعليق