القائمة الرئيسية

الصفحات

المسؤولية التقصيرية في القانون المدني: دراسة تحليلية مقارنة

 

المسؤولية التقصيرية في القانون المدني: دراسة تحليلية مقارنة

مقدمة: عقيدة المسؤولية التقصيرية ودورها المجتمعي

تعريف المسؤولية التقصيرية: التزام يفرضه القانون

تُعرَّف المسؤولية التقصيرية، في جوهرها، بأنها التزام يفرضه القانون على عاتق شخص بتعويض الضرر الذي ألحقه بالغير نتيجة خطئه أو فعله الضار.1 وهي بذلك تمثل جزاءً قانونياً مترتباً على الإخلال بواجب عام مفروض على الكافة، وهو واجب عدم الإضرار بالآخرين.3 هذا الالتزام لا ينشأ عن اتفاق مسبق بين الطرفين، بل مصدره المباشر هو نص القانون الذي يهدف إلى حماية السلامة الجسدية والمصالح المالية والمعنوية للأفراد في المجتمع.2

تتميز المسؤولية التقصيرية عن شقيقتها، المسؤولية العقدية، في أن الأخيرة تنشأ عن الإخلال بالتزام ورد في عقد صحيح قائم بين طرفين، حيث تكون إرادة المتعاقدين هي التي أنشأت الالتزام وحددت نطاقه.4 أما المسؤولية التقصيرية فتستند إلى عمل غير مشروع أو خطأ تقصيري يخرق واجباً قانونياً عاماً، ولا تتطلب وجود أي علاقة تعاقدية سابقة بين محدث الضرر والمضرور.4

الأسس الفلسفية والاقتصادية: الردع والعدالة وتوزيع الخسائر

للمسؤولية التقصيرية وظيفتان أساسيتان تتجاوزان مجرد جبر الضرر. الوظيفة الأولى، والأكثر وضوحاً، هي الوظيفة التعويضية، التي تهدف إلى إعادة المضرور إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الضرر، وذلك بإلزام المخطئ بأداء تعويض يجبر الضرر الذي لحق به.4 إلا أن الوظيفة الثانية، والتي لا تقل أهمية، هي الوظيفة الوقائية والردعية (ردع السلوك غير الاجتماعي).4 ترتبط هذه الوظيفة ارتباطاً وثيقاً بالبعد الأخلاقي للمسؤولية، حيث تسعى إلى منع السلوكيات الضارة اجتماعياً من خلال تحميل مرتكبيها تبعات أفعالهم، مما يشكل رادعاً عاماً وخاصاً.4

وقد شهد الفكر القانوني الحديث تحولاً في بؤرة الاهتمام، حيث لم يعد التركيز منصباً فقط على المخطئ، بل امتد ليشمل المضرور، بهدف توفير أكبر قدر من الحماية له وتسهيل سبل حصوله على التعويض العادل.4 يعكس هذا التطور فهماً أعمق للدور الاجتماعي للمسؤولية المدنية، والذي يتجلى في توزيع الخسائر الناتجة عن المخاطر الحتمية في المجتمعات الحديثة، خاصة مع ظهور التأمين الذي أصبح يلعب دوراً محورياً في هذا المجال.

نطاق التقرير: دراسة مقارنة مع التركيز على الفقه القانوني العربي

يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل شامل ومقارن للمسؤولية التقصيرية. سيتناول التقرير النظرية العامة للمسؤولية، مستعرضاً أركانها الثلاثة الأساسية، وموضحاً الفروق الجوهرية التي تميزها عن المسؤولية العقدية. بعد ذلك، سيستعرض التقرير الأنواع المختلفة للمسؤولية التقصيرية، بدءاً من المسؤولية عن الفعل الشخصي، ومروراً بالمسؤولية عن فعل الغير، وانتهاءً بالمسؤولية الناشئة عن الأشياء، والتي تمثل تحولاً نحو المسؤولية الموضوعية القائمة على فكرة الخطر.

كما سيتناول التقرير أسباب دفع المسؤولية والآثار المترتبة على قيامها، مع التركيز على مسألة تقدير التعويض. ولإضفاء عمق تطبيقي، سيتم تحليل المسؤولية التقصيرية في سياقات محددة كحوادث السير والمسؤولية المهنية. وسيعتمد التقرير منهجاً مقارناً، مستنداً بشكل أساسي إلى الإطار القانوني في كل من المغرب ومصر، مع الإشارة إلى الأنظمة القانونية العربية الأخرى والتشريع الفرنسي، بهدف إبراز أوجه التشابه والاختلاف في النصوص التشريعية والاجتهادات القضائية.7


الجزء الأول: النظرية العامة للمسؤولية التقصيرية

القسم الأول: الأركان الثلاثة للمسؤولية التقصيرية

لا تقوم المسؤولية التقصيرية ولا يترتب أثرها في التعويض إلا بتوافر أركانها الثلاثة مجتمعة، وهي الخطأ والضرر والعلاقة السببية التي تربط بينهما. وقد استقر الفقه والقضاء، كما أكدت محكمة النقض المصرية، على أن تخلف أي ركن من هذه الأركان يؤدي إلى انتفاء المسؤولية بالكامل.10

1.1. ركن الخطأ: تحليل معمق للمعايير الموضوعية والذاتية

يُعد الخطأ الركن الأول والأساسي في البناء التقليدي للمسؤولية التقصيرية.

  • تعريف الخطأ: يُعرَّف الخطأ بأنه إخلال بالتزام قانوني عام، وهو التزام ببذل العناية والحيطة اللازمتين لعدم الإضرار بالغير.12 وبصورة أدق، هو انحراف في السلوك عن السلوك المألوف للشخص العادي المتبصر إذا وُضع في نفس الظروف الخارجية التي وُجد فيها مرتكب الفعل.6 ويمكن أن يتخذ هذا الانحراف صورة فعل إيجابي (فعل ما كان يجب الإمساك عنه) أو صورة فعل سلبي (ترك ما كان يجب فعله).15 وقد يكون هذا الإخلال مقصوداً، فيُسمى "جريمة مدنية"، أو غير مقصود وناجم عن مجرد إهمال أو تقصير، فيُسمى "شبه جريمة مدنية".6

  • عناصر الخطأ: يتكون الخطأ من عنصرين متلازمين:

    1. الركن المادي (التعدي): وهو الفعل المادي للانحراف أو التجاوز عن السلوك الواجب قانوناً.13

    2. الركن المعنوي (الإدراك): وهو قدرة الشخص على التمييز بين الخير والشر وإدراك نتائج أفعاله.8 وهذا العنصر هو ما يميز المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجنائية التي قد تتطلب قصداً جنائياً خاصاً.16

إن الجمع بين هذين العنصرين يكشف عن الطبيعة المزدوجة لمعيار الخطأ في القانون المدني. فبينما يتطلب القانون توافر القدرة على التمييز (وهو معيار ذاتي يتعلق بالحالة الذهنية لمرتكب الفعل)، فإنه يقيس سلوكه الفعلي بمعيار موضوعي خارجي، وهو سلوك "الشخص العادي". هذا النهج الهجين ليس اعتباطياً، بل هو سياسة تشريعية مقصودة تهدف إلى تحقيق التوازن. فمن ناحية، يتجنب القانون ظلم تحميل المسؤولية لمن لا يملك القدرة على الإدراك (كفاقد التمييز). ومن ناحية أخرى، يتجنب صعوبة إثبات الحالة الذهنية الداخلية للشخص، ويفرض حداً أدنى من السلوك الاجتماعي المقبول على الجميع، بغض النظر عن قدراتهم الشخصية، مما يمنع التذرع بقلة الحرص أو الخبرة كدافع للإعفاء من المسؤولية.

1.2. ركن الضرر: تصنيف وتوصيف الضرر القابل للتعويض

الضرر هو جوهر دعوى المسؤولية، فـ "لا مسؤولية حيث لا ضرر".17 ويُعرَّف بأنه الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة له.13

  • تصنيف الضرر: يقسم الفقه والقضاء الضرر إلى أنواع مختلفة، جميعها قابلة للتعويض في نطاق المسؤولية التقصيرية 6:

    • الضرر المادي: هو ما يصيب الشخص في ذمته المالية، سواء بالمساس بأحد أعيان ماله أو بتفويت كسب مالي عليه. ويشمل أيضاً الضرر الجسدي الذي يؤدي إلى خسارة مالية، كنفقات العلاج أو العجز عن الكسب.6

    • الضرر المعنوي (الأدبي): هو ما يصيب الشخص في شعوره أو عاطفته أو شرفه أو كرامته أو سمعته.6

    • الضرر الجسدي: هو المساس بسلامة جسد الإنسان، والذي قد يترتب عليه ضرر مادي ومعنوي في آن واحد.17

  • شروط الضرر القابل للتعويض: لكي يكون الضرر موجباً للتعويض، يجب أن تتوافر فيه الشروط التالية:

    1. أن يكون محققاً: أي أن يكون قد وقع بالفعل، أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً وليس مجرد احتمال. ويشمل ذلك مفهوم "تفويت الفرصة"، حيث إن الفرصة وإن كانت أمراً محتملاً، فإن تفويتها يُعد ضرراً محققاً يستوجب التعويض.6

    2. أن يكون مباشراً: أي أن يكون نتيجة طبيعية ومباشرة للخطأ المرتكب.6

    3. أن يكون شخصياً: أي أن يكون قد أصاب المدعي نفسه. ويشمل ذلك "الضرر المرتد"، وهو الضرر الذي يصيب أشخاصاً آخرين نتيجة الضرر الأصلي الذي لحق بالضحية المباشرة (كالأضرار التي تلحق بالأسرة نتيجة وفاة عائلها).17

    4. أن يصيب حقاً أو مصلحة مشروعة: يجب أن يكون الاعتداء قد وقع على حق يحميه القانون أو مصلحة جديرة بالحماية القانونية.6

1.3. ركن العلاقة السببية: استكشاف نظريات السببية المباشرة والكافية في الممارسة القضائية

الركن الثالث والأخير هو رابطة السببية، وهي الصلة التي تجمع بين خطأ المدعى عليه والضرر الذي لحق بالمدعي.

  • الصلة الضرورية: يجب إثبات أن الخطأ هو الذي أدى إلى وقوع الضرر، بحيث "لولا هذا الخطأ لما وقع الضرر".6 إذا انقطعت هذه الصلة، تنتفي المسؤولية حتى مع ثبوت الخطأ والضرر.

  • عبء الإثبات: يقع عبء إثبات أركان المسؤولية الثلاثة، بما فيها رابطة السببية، على عاتق المدعي (المضرور).6

  • السلطة التقديرية للقاضي: يُعد تقدير توافر علاقة السببية من عدمه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، وله في سبيل ذلك أن يستعين بالخبرة الفنية لتحديد ما إذا كان الخطأ هو السبب المباشر والمنتج للضرر.6

القسم الثاني: التمييز الكبير: المسؤولية التقصيرية مقابل المسؤولية العقدية

على الرغم من أن كلتا المسؤوليتين تهدفان إلى جبر الضرر، إلا أنهما تختلفان اختلافاً جوهرياً في أساسهما ونظامهما القانوني، مما يؤدي إلى نتائج عملية بالغة الأهمية.23

2.1. الفروق التأسيسية والغائية

يكمن الفرق الجوهري في مصدر الالتزام الذي تم الإخلال به. فالمسؤولية العقدية تنشأ عن الإخلال بالتزام ناشئ عن عقد صحيح، أي التزام إرادي خاص.4 أما المسؤولية التقصيرية فتنشأ عن الإخلال بالتزام قانوني عام يقع على عاتق الكافة، وهو عدم الإضرار بالغير.2

2.2. إطار مقارن للفروق العملية

تترتب على هذا الفرق التأسيسي اختلافات عملية هامة في النظام القانوني لكل منهما، يمكن تلخيصها في الجدول التالي:

جدول 1: تحليل مقارن بين المسؤولية التقصيرية والمسؤولية العقدية

الميزةالمسؤولية التقصيريةالمسؤولية العقديةالسند
مصدر الالتزامواجب قانوني عام بعدم الإضرار بالغيرالتزام محدد في عقد إرادي2
نطاق التعويضيشمل الضرر المباشر، المتوقع وغير المتوقعيقتصر غالباً على الضرر المباشر المتوقع وقت إبرام العقد5
الأهليةتكفي أهلية التمييزتشترط أهلية الأداء (الرشد القانوني)7
التضامنمفترض بحكم القانون بين المسؤولين المتعددينلا يفترض، بل يجب أن ينص عليه العقد أو القانون7
التقادممدة قصيرة (مثال: 3 سنوات من علم المضرور بالضرر والمسؤول، مع حد أقصى 15 سنة من وقوع الفعل)مدة طويلة (القاعدة العامة 15 سنة)1
شروط الإعفاءباطلة كقاعدة عامة لمخالفتها للنظام العامجائزة كأصل عام (باستثناء حالة الغش والخطأ الجسيم)7
عبء الإثباتيقع على المضرور إثبات الخطأ والضرر والعلاقة السببيةيثبت الدائن وجود العقد والإخلال، وعلى المدين إثبات قيامه بالتنفيذ أو وجود سبب أجنبي7
الإعذارغير لازم للمطالبة بالتعويضلازم كقاعدة عامة قبل المطالبة بالتعويض7

2.3. الجدل الفقهي: الازدواجية، الوحدة، وحق المضرور في الخيار

أثار التمييز بين المسؤوليتين جدلاً فقهياً واسعاً.

  • نظرية الازدواجية: وهي الرأي السائد الذي يرى أن المسؤوليتين نظامان قانونيان مختلفان تماماً من حيث الطبيعة والأحكام.27

  • نظرية الوحدة: وهي رأي أقلية يرى أن مصدر كلتا المسؤوليتين في النهاية هو القانون، ويدعو إلى توحيد أحكامهما.27

  • إشكالية التداخل (الخيار بين المسؤوليتين): تظهر الإشكالية الكبرى عندما يشكل الفعل الواحد إخلالاً بعقد وضمنياً خطأً تقصيرياً (مثال: الطبيب الذي يهمل مريضه فيخل بالتزامه العقاري ويرتكب خطأً تقصيرياً). القاعدة المستقرة في العديد من النظم القانونية، ومنها مصر، هي قاعدة "عدم جواز الجمع بين المسؤوليتين" أو "العقد يجبّ المسؤولية التقصيرية". بموجب هذه القاعدة، طالما وجد عقد صحيح يحكم العلاقة، فإن أحكامه هي التي تطبق حصراً، ولا يجوز للمضرور اختيار نظام المسؤولية التقصيرية حتى لو كان أصلح له.24

إن قاعدة "عدم الجمع" ليست مجرد قاعدة فنية، بل تعكس مبدأً جوهرياً في القانون المدني، وهو احترام "الإرادة التشريعية للمتعاقدين". فالعقد يُعتبر قانوناً خاصاً بين طرفيه، ويتردد القضاء في السماح لأحد الأطراف بالتهرب من هذا القانون الخاص واللجوء إلى القانون العام للمسؤولية التقصيرية. الهدف من ذلك هو الحفاظ على استقرار المعاملات والتوقعات المشروعة للأطراف الذين تفاوضوا على شروط محددة، بما في ذلك حدود المسؤولية. السماح بالخيار من شأنه أن يقوض مبدأ "العقد شريعة المتعاقدين" (pacta sunt servanda). وهذا يخلق مفارقة قانونية، حيث قد يكون للغريب الذي تضرر من نفس الفعل مركز قانوني أفضل من الطرف المتعاقد.


الجزء الثاني: أطياف المسؤولية التقصيرية

ينتقل هذا الجزء من النظرية العامة إلى استعراض الأنواع المختلفة للمسؤولية، مبيناً التدرج من المسؤولية القائمة على الخطأ المثبت إلى تلك القائمة على الخطأ المفترض أو فكرة الخطر.

القسم الثالث: المسؤولية عن الفعل الشخصي: النظام العام

هذه هي الصورة الأصلية والأساسية للمسؤولية التقصيرية، حيث يُسأل الشخص عن النتائج المباشرة لأفعاله الخاطئة.1 وهي التطبيق المباشر للأركان الثلاثة التي تم شرحها في الجزء الأول. تقوم هذه المسؤولية على أساس "الخطأ واجب الإثبات"، حيث يقع على عاتق المضرور عبء إثبات أن سلوك المدعى عليه كان خاطئاً وأنه هو الذي تسبب في الضرر.9 ويشمل نطاقها طيفاً واسعاً من الأفعال، من الاعتداءات الجسدية إلى إتلاف الممتلكات.1

القسم الرابع: المسؤولية عن فعل الغير

تستعرض هذه الحالة الاستثنائية التي يحمّل فيها القانون شخصاً مسؤولية الأضرار التي أحدثها شخص آخر.

4.1. مسؤولية المكلف بالرقابة

تتعلق هذه المسؤولية بمن يفرض عليهم القانون أو الاتفاق واجب رقابة أشخاص هم في حاجة إلى الرقابة بسبب سنهم (كالقصر) أو حالتهم العقلية أو النفسية.1 تقوم هذه المسؤولية على أساس "خطأ مفترض في الرقابة". هذا الافتراض، في معظم الحالات، هو افتراض بسيط قابل لإثبات العكس، حيث يمكن للمكلف بالرقابة دفع المسؤولية عن نفسه إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة بما ينبغي من العناية، أو أن الضرر كان سيقع حتماً حتى مع قيامه بهذا الواجب.28

4.2. مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه

تُعد هذه الصورة من أشد صور المسؤولية، حيث يُسأل المتبوع (كصاحب العمل) عن الأضرار التي يحدثها تابعه (كالعامل) للغير.1

  • شروط قيام المسؤولية: لا تقوم هذه المسؤولية إلا بتوافر ثلاثة شروط مجتمعة:

    1. قيام علاقة تبعية: وتتحقق بوجود سلطة فعلية للمتبوع في إصدار الأوامر والتوجيهات للتابع في كيفية أداء عمله. العبرة هنا بالرقابة والتوجيه الفعليين، وليس بالضرورة بوجود عقد عمل رسمي.31

    2. صدور خطأ من التابع: يجب أن يرتكب التابع فعلاً خاطئاً يرتب مسؤوليته الشخصية.

    3. وقوع الخطأ أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها: يجب أن يكون الخطأ قد ارتُكب أثناء ممارسة التابع لمهام وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي التي سهلت أو مكنت من ارتكاب الخطأ.1

  • طبيعة وأساس المسؤولية: في العديد من التشريعات، كالتشريع المغربي بموجب الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود، تقوم مسؤولية المتبوع على أساس خطأ مفترض افتراضاً قاطعاً لا يقبل إثبات العكس.32 فلا يستطيع المتبوع دفع المسؤولية بإثبات أنه أحسن اختيار تابعه أو أصدر له التعليمات اللازمة. السبيل الوحيد أمامه لدفع المسؤولية هو نفي أحد الشروط الثلاثة المذكورة (كانقطاع علاقة التبعية أو وقوع الخطأ خارج نطاق الوظيفة) أو إثبات وجود سبب أجنبي.32 ويجد أساس هذه المسؤولية تفسيره في عدة نظريات، أبرزها نظرية تحمل التبعة أو المخاطر، فمن يستفيد من نشاط تابعه عليه أن يتحمل مخاطره (الغُنم بالغُرم) 31، أو نظرية الضمان القانوني، حيث يعتبر المتبوع ضامناً لأخطاء تابعه تجاه الغير.32

القسم الخامس: المسؤولية القائمة على الخطر: المسؤولية عن فعل الأشياء

يمثل هذا القسم تحولاً واضحاً نحو المسؤولية الموضوعية، حيث تقوم المسؤولية على أساس خطأ مفترض مرتبط بفكرة "الحراسة"، أي السيطرة الفعلية على الشيء استخداماً وتوجيهاً ورقابة.34

5.1. مسؤولية حارس الحيوان

  • الأساس القانوني (في القانون المغربي): ينظمها الفصلان 86 و87 من قانون الالتزامات والعقود.15

  • الفصل 86: يُسأل حارس الحيوان عن الضرر الذي يحدثه الحيوان، حتى لو ضل أو تشرد.34 تقوم هذه المسؤولية على خطأ مفترض في الحراسة، ولكنه افتراض بسيط قابل لإثبات العكس. فيمكن للحارس دفع المسؤولية إذا أثبت أنه اتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الضرر، أو أن الحادثة نتجت عن سبب أجنبي (قوة قاهرة أو خطأ المضرور).34

  • الفصل 87: يعالج هذا الفصل حالة خاصة وهي الضرر الناتج عن الحيوانات المتوحشة. فمالك الأرض لا يُسأل عن الضرر الذي تحدثه الحيوانات المتوحشة الآتية من أرضه، إلا إذا كان قد فعل شيئاً لجلبها أو للاحتفاظ بها في تلك الأرض (لغرض الصيد أو التجارة مثلاً).34

5.2. مسؤولية حارس الأشياء غير الحية

  • الأساس القانوني (في القانون المغربي): ينظمها الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود، وهو من أهم النصوص في هذا الباب.28

  • القاعدة: يُسأل كل شخص عن الضرر الحاصل من الأشياء التي في حراسته، إذا تبين أن هذه الأشياء هي السبب المباشر للضرر.34

  • طبيعة المسؤولية: هذه مسؤولية موضوعية مشددة، تقوم على خطأ مفترض افتراضاً قوياً. وخلافاً لمسؤولية حارس الحيوان، لا يستطيع حارس الشيء دفع المسؤولية بمجرد إثبات عدم تقصيره. بل يجب عليه أن يثبت أمرين معاً: (1) أنه فعل ما كان ضرورياً لمنع الضرر، و(2) أن الضرر يرجع إما لحادث فجائي أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور.28 هذا الشرط المزدوج يجعل التخلص من المسؤولية أمراً صعباً للغاية.

5.3. النظام الخاص: مسؤولية مالك البناء عن انهياره

  • الأساس القانوني (في القانون المغربي): ينظمها الفصل 89 من قانون الالتزامات والعقود.15

  • القاعدة: يُسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره الكلي أو الجزئي، إذا وقع هذا الانهيار بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء.34

  • العلاقة مع الضمان العشري: تتعايش هذه المسؤولية التقصيرية مع المسؤولية العقدية الخاصة للمهندس المعماري والمقاول (الضمان العشري)، المنصوص عليها في الفصل 769 من نفس القانون، والتي تجعلهما مسؤولين لمدة عشر سنوات عن كل تهدم أو عيب يهدد متانة البناء.39 يمكن للمضرور من الغير مقاضاة المالك استناداً إلى الفصل 89، ويكون للمالك بعد ذلك حق الرجوع على المهندس أو المقاول في إطار الضمان العشري.39

إن هذا التدرج في شدة المسؤولية، من الخطأ الواجب الإثبات في الفعل الشخصي إلى الخطأ المفترض القاطع في حراسة الأشياء، ليس عشوائياً. إنه يعكس تطوراً منطقياً في الفكر القانوني استجابة لتزايد المخاطر في المجتمعات الصناعية والتكنولوجية. ففي حالة الفعل الشخصي، يفترض القانون أن الشخص قادر على التحكم في أفعاله، لذا يقع عبء الإثبات على الضحية. أما في حالة المسؤولية عن الغير وعن الأشياء، فإن القانون يقر بأن المتبوع أو الحارس هو من يخلق الخطر ويستفيد منه (خاصة في حالة المتبوع)، وهو الأقدر على التحكم فيه والتأمين ضده. لذلك، ينقل القانون عبء الخسارة إليه كجزء من سياسة توزيع المخاطر اجتماعياً. كلما كان الخطر أكثر تجريداً وانتشاراً (كخطر حوادث السيارات)، أصبحت المسؤولية أكثر موضوعية وتشدداً.


الجزء الثالث: الدفوع، والآثار، والتقدير القضائي

القسم السادس: أسباب انتفاء المسؤولية

توجد حالات محددة قانوناً يمكن للمدعى عليه التمسك بها لدفع المسؤولية عن نفسه، إما بنفي ركن السببية أو بنفي ركن الخطأ.

6.1. السبب الأجنبي

يعمل السبب الأجنبي على قطع علاقة السببية بين فعل المدعى عليه والضرر.

  • القوة القاهرة والحادث الفجائي: وهي كل حدث خارجي لا يمكن توقعه ولا يمكن دفعه، يجعل من المستحيل تجنب وقوع الضرر (مثل الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات، أو الحروب).8 ويشترط الاجتهاد القضائي أن يكون الحدث غير متوقع على الإطلاق ومستحيل الدفع والمقاومة.43

  • فعل الغير: إذا كان الضرر راجعاً حصراً إلى فعل شخص من الغير، وكان هذا الفعل بالسبة للمدعى عليه بمثابة قوة قاهرة (أي غير متوقع ومستحيل الدفع)، فإن مسؤولية المدعى عليه تنتفي.

  • خطأ المضرور: إذا كان خطأ المضرور هو السبب الوحيد في وقوع الضرر، فإن المدعى عليه يُعفى من المسؤولية كلياً. أما إذا ساهم خطأ المضرور في إحداث الضرر إلى جانب خطأ المدعى عليه، فإن المسؤولية تُوزَّع بينهما، ويُخفَّض التعويض بنسبة مساهمة المضرور في الخطأ.8

إن التشدد القضائي في قبول الدفع بالقوة القاهرة، حيث لا يكفي أن يكون الحدث غير متوقع بل يجب أن يكون مستحيل الدفع، يعكس سياسة قضائية واضحة تميل لحماية المضرور. فمرض المحامي لا يعتبر قوة قاهرة 43، والأمطار الغزيرة في موسمها لا تعد كذلك.36 يضع هذا التوجه عبء المخاطر غير العادية، ولكن غير المستحيلة، على عاتق من يمارس النشاط الذي أدى إلى الضرر، لأنه الأقدر على اتخاذ الاحتياطات أو التأمين ضدها.

6.2. أفعال التبرير

تعمل هذه الأسباب على نفي ركن الخطأ، فتجعل الفعل الضار في حد ذاته فعلاً مشروعاً.

  • الدفاع الشرعي: وهو الفعل الذي يرتكبه الشخص لدفع اعتداء حال وغير مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغير أو ماله، بشرط أن يكون الدفاع متناسباً مع جسامة الاعتداء.11

  • حالة الضرورة: وهي الحالة التي يضطر فيها الشخص إلى إحداث ضرر بالغير لتفادي ضرر أكبر وأكثر جسامة يهدده هو أو يهدد الغير. وفي هذه الحالة، قد يلزم القاضي مرتكب الفعل بتعويض مناسب يراعى فيه ظروف الحال.11

  • تنفيذ أمر القانون أو أمر الرئيس: لا يكون الموظف العام مسؤولاً عن الفعل الذي يرتكبه تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيسه، متى كانت طاعة هذا الرئيس واجبة عليه، وكان يعتقد مشروعية الفعل الذي أتاه.11

القسم السابع: آثار المسؤولية: قانون التعويضات

متى استجمعت المسؤولية أركانها، ترتب في ذمة المسؤول التزام بجبر الضرر.

7.1. مبدأ التعويض الكامل

الأثر الأساسي للمسؤولية التقصيرية هو إلزام المسؤول بالتعويض. والمبدأ الحاكم في هذا الصدد هو مبدأ التعويض الكامل (جبر الضرر كاملاً)، أي أن التعويض يجب أن يكون مساوياً للضرر، بحيث يعيد المضرور إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الفعل الضار، دون أن يكون مصدراً لإثراء المضرور أو وسيلة لمعاقبة المسؤول.21 ويشمل التعويض ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب.8

7.2. التقدير القضائي للتعويض

  • طرق التعويض: يمكن أن يتم الاتفاق على التعويض رضائياً بين الطرفين بعد وقوع الضرر، ولكن في الغالب يتم تحديده قضائياً.8 ويمكن أن يكون التعويض مبلغاً إجمالياً يُدفع دفعة واحدة، أو في صورة إيراد مرتب.

  • تقدير قيمة الضرر: بينما يمكن حساب الضرر المادي بدقة نسبية، فإن تقدير الضرر المعنوي يمثل تحدياً كبيراً للقضاء. ويترك الأمر للسلطة التقديرية الواسعة لقاضي الموضوع الذي يأخذ في اعتباره كافة الظروف والملابسات المحيطة بالواقعة، كجسامة الألم النفسي ومكانة المضرور الاجتماعية.6 وتلعب الاجتهادات القضائية السابقة دوراً استرشادياً هاماً في هذا المجال.52

7.3. الجوانب الإجرائية

  • التقادم: كما ورد في الجدول المقارن، تخضع دعوى المسؤولية التقصيرية لتقادم قصير نسبياً، يبدأ سريانه عادة من يوم علم المضرور بالضرر وبالمسؤول عنه، مع وجود مدة تقادم طويل تمنع سماع الدعوى مهما كان تاريخ العلم.1

  • التضامن: إذا تعدد المسؤولون عن الفعل الضار، كانوا متضامنين في التزامهم بالتعويض. وهذا يعني أن للمضرور الحق في مطالبة أي منهم بكامل مبلغ التعويض، ويكون لمن أوفى بالدين حق الرجوع على الباقين كل بنسبة نصيبه.1


الجزء الرابع: تطبيقات المسؤولية التقصيرية ووجهات نظر مقارنة

القسم الثامن: المسؤولية التقصيرية في الممارسة: تحليلات قطاعية

8.1. دراسة حالة: حوادث السير

تعتبر حوادث السير من أبرز المجالات التطبيقية للمسؤولية التقصيرية، وتحديداً المسؤولية عن فعل الأشياء.

  • القانون المطبق: في المغرب، تخضع هذه الحوادث بشكل أساسي لأحكام الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود، الذي يقرر مسؤولية مشددة على عاتق حارس المركبة.37

  • الاجتهاد القضائي: تشدد القضاء المغربي في تفسير شروط الإعفاء من المسؤولية المنصوص عليها في الفصل 88. فعبء إثبات "فعل كل ما كان ضرورياً لمنع الضرر" يقع كاملاً على الحارس، وهو عبء ثقيل. وحتى في حالة وجود خطأ من المضرور، كثيراً ما يلجأ القضاء إلى توزيع المسؤولية (تشطير المسؤولية) بدلاً من الإعفاء الكامل، وذلك بعد فحص دقيق لما إذا كان بإمكان السائق اتخاذ أي إجراء إضافي لتفادي الحادث.37

  • نظام التعويض: بالإضافة إلى القواعد العامة، تخضع التعويضات عن الأضرار الجسدية الناتجة عن حوادث السير في المغرب لظهير 1984، الذي يحدد جداول ومعايير لحساب التعويض بناءً على متغيرات كالدخل والسن ونسبة العجز. وقد تعرض هذا النظام لانتقادات لكونه يحد من السلطة التقديرية للقاضي، وقد يؤدي إلى تعويضات غير عادلة، خاصة بالنسبة للضحايا ذوي الدخل المحدود أو الذين لا دخل لهم.55

8.2. دراسة حالة: المسؤولية المهنية

تقوم هذه المسؤولية عند إخلال المهنيين (كالأطباء والمحامين والمهندسين والموثقين) بواجباتهم المهنية مما يلحق ضرراً بالعملاء أو بالغير. وتقع هذه المسؤولية في منطقة التداخل بين المسؤولية العقدية (في علاقة المهني بعميله) والمسؤولية التقصيرية (في علاقته بالغير المتضرر من خطئه). ومن الأمثلة التي وردت في المصادر مسؤولية الأطر التربوية عن الإهمال في الرقابة 13، ومسؤولية العدول (الموثقين) عن الأخطاء المهنية 58، والمسؤولية العشرية للمهندسين والمقاولين عن سلامة الأبنية.39

8.3. دراسة حالة: المسؤولية عن المنتجات المعيبة

وهي من الصور الحديثة للمسؤولية، وقد نص عليها المشرع المغربي صراحة.60 بموجب هذا النظام، يُسأل المنتج والمورد عن الأضرار التي تسببها العيوب في منتجاتهم. ويتجه هذا النظام نحو مسؤولية موضوعية صارمة، حيث يكفي للمضرور إثبات وجود العيب في المنتج والضرر والعلاقة السببية بينهما، دون الحاجة إلى إثبات خطأ أو إهمال من جانب المنتج.25

القسم التاسع: خلاصة مقارنة

  • المناهج التشريعية: يكشف التحليل المقارن، خاصة بين القانون المغربي والقانون المصري، عن وجود أساس مشترك مستمد من القانون الفرنسي، ولكنه يكشف أيضاً عن اختلافات هامة. فمثلاً، تختلف صياغة وشروط المسؤولية عن فعل الأشياء، وشروط مسؤولية المتبوع، وقواعد تقدير التعويض عن الضرر المعنوي بين التشريعين.8

  • الاجتهاد القضائي والتوجهات الحديثة: على الرغم من الاختلافات التشريعية، يلاحظ وجود توجه قضائي مشترك في العديد من الدول العربية نحو توسيع نطاق المسؤولية وتفسير النصوص بما يحقق حماية أكبر للمضرور. يتجلى ذلك في التوسع في قبول المسؤولية الموضوعية القائمة على الخطر، والتشدد في قبول دفوع الإعفاء من المسؤولية، والاعتراف المتزايد بأهمية التعويض عن الضرر المعنوي.4


خاتمة: المشهد المتطور للمسؤولية التقصيرية

ملخص الأفكار الرئيسية

لقد أظهر هذا التقرير أن المسؤولية التقصيرية نظام قانوني ديناميكي ومعقد، تطور بشكل كبير من مفهومه الكلاسيكي القائم على فكرة الخطأ الأخلاقي إلى نظام حديث يهدف إلى تحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية أوسع. فقد انتقل التركيز من معاقبة المخطئ إلى حماية المضرور، ومن المسؤولية الذاتية إلى المسؤولية الموضوعية، مما يعكس تحولاً في الفلسفة القانونية نحو التضامن الاجتماعي وإدارة المخاطر. إن الأركان الثلاثة (الخطأ، الضرر، والسببية) لا تزال تشكل العمود الفقري للنظرية، ولكن تطبيقاتها، خاصة في مجالات المسؤولية عن فعل الغير والأشياء، شهدت توسعاً كبيراً أدى إلى إنشاء أنظمة مسؤولية مفترضة ومشددة.

التوجهات المستقبلية: صعود المسؤولية الموضوعية ودور التأمين

يتجه مستقبل المسؤولية التقصيرية بوضوح نحو مزيد من الموضوعية. ففي مواجهة المخاطر الجديدة والمعقدة التي تفرضها التكنولوجيا والصناعة (كالأضرار البيئية، أو حوادث المنتجات المعقدة، أو الأضرار النووية 25)، أصبحت المسؤولية القائمة على الخطأ الواجب الإثبات عاجزة عن توفير الحماية الكافية للضحايا. لذا، يتزايد الاعتماد على أنظمة المسؤولية الموضوعية (بدون خطأ) التي تركز على مجرد وقوع الضرر وعلاقته بالنشاط الخطير.

وفي هذا السياق، يبرز الدور المحوري للتأمين الإجباري كآلية عملية لجعل نظام التعويضات قابلاً للتطبيق. فالتأمين يسمح بتوزيع تكلفة الحوادث على نطاق واسع، مما يضمن حصول الضحايا على تعويضاتهم دون أن يؤدي ذلك إلى إفلاس المسؤولين، ويحول المسؤولية من مجرد علاقة ثنائية بين المخطئ والمضرور إلى آلية اجتماعية لتوزيع الخسائر.

توصيات للمشرعين والقضاة والممارسين القانونيين

بناءً على التحليل المقدم، يمكن صياغة التوصيات التالية:

  1. للمشرعين:

    • مراجعة وتحديث النصوص المتعلقة بالمسؤولية التقصيرية لتواكب المخاطر الحديثة، مع التوسع في تبني أنظمة المسؤولية الموضوعية في المجالات عالية الخطورة.

    • النظر في تعديل أنظمة التعويض المحددة (كنظام تعويضات حوادث السير في المغرب) لضمان مرونة أكبر للقضاة في تقدير التعويض العادل الذي يتناسب مع الضرر الفعلي، خاصة بالنسبة للضحايا من الفئات الضعيفة.

    • توضيح العلاقة بين المسؤوليتين العقدية والتقصيرية، والنظر في منح المضرور حق الخيار في حالات التداخل الواضحة، تماشياً مع التوجهات الحديثة التي تعطي الأولوية لحماية الطرف الضعيف.

  2. للقضاة:

    • الاستمرار في تطوير الاجتهاد القضائي بما يخدم تحقيق العدالة والإنصاف، خاصة في مجال تقدير التعويض عن الضرر المعنوي، والسعي نحو توحيد المعايير التقديرية قدر الإمكان لضمان المساواة بين المتقاضين.

    • التطبيق الصارم والمتوازن لشروط الإعفاء من المسؤولية، بما يمنع التهرب من المسؤولية دون مبرر قانوني قوي، مع مراعاة الظروف الخاصة بكل قضية.

  3. للممارسين القانونيين:

    • التركيز على الإثبات الدقيق لجميع أركان المسؤولية، خاصة ركن الضرر بجميع عناصره المادية والمعنوية، ورابطة السببية، والاستعانة بالخبرات الفنية المتخصصة لدعم الدعاوى.

    • مواكبة التطورات في الاجتهاد القضائي المقارن، والاستفادة منها في بناء الحجج القانونية، خاصة في القضايا التي تطرح إشكاليات جديدة.

تعليقات