القائمة الرئيسية

الصفحات

مستجدات القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي: تحليل شامل للتحولات والآثار

 

مستجدات القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي: تحليل شامل للتحولات والآثار

I. مقدمة

يشكل القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي في المغرب، الذي دخل حيز التنفيذ في 15 يناير 2023، منعطفًا تاريخيًا في مسار إصلاح منظومة العدالة بالمملكة.1 لقد جاء هذا القانون ليحل محل الظهير الشريف المؤرخ في 15 يوليو 1974، الذي ظل الإطار المنظم للمحاكم المغربية لما يقرب من خمسة عقود، وشهد خلالها العديد من التغييرات والتتميمات لمواكبة التطورات المتلاحقة.1 إن طول الفترة الزمنية التي استغرقها الظهير القديم، وما تخللها من تعديلات جزئية، يبرز الطبيعة الديناميكية للأنظمة القانونية والحاجة المستمرة إلى التكيف مع التحولات المجتمعية والاقتصادية. فالقانون الجديد لا يمثل مجرد استبدال تشريعي، بل هو تتويج لعقود من التعديلات التدريجية، ويسعى إلى توفير إطار أكثر تماسكًا وحداثة يلبي تطلعات العدالة في القرن الحادي والعشرين.

يهدف القانون 38.15 بشكل أساسي إلى استكمال الترسانة القانونية اللازمة لتنزيل مشروع إصلاح منظومة العدالة الشامل.1 كما يرمي إلى تحقيق المواءمة بين التقسيم القضائي للمملكة والتقطيع الجهوي والإداري، مع الحرص على ضمان توزيع عادل للقضاء المتخصص، سواء التجاري أو الإداري، بمختلف درجاته على مجموع التراب الوطني.4 إن هذا التوجه نحو "تقريب القضاء من المتقاضين" و"عقلنة الخريطة القضائية" يعكس مقاربة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الولوجية إلى العدالة ورفع كفاءتها. فالهدف يتجاوز مجرد زيادة عدد المحاكم ليشمل تحسين التوزيع الجغرافي للموارد القضائية بناءً على معطيات ديموغرافية واقتصادية وجغرافية، مما يضمن تخصيصًا أكثر فعالية للموارد ويقلل من الأعباء على المتقاضين.

يُعد هذا القانون حجر الزاوية في عمل المحاكم، فهو يضع المبادئ العامة للتنظيم القضائي، وينظم قواعد وأسس العمل القضائي بشكل عام، ويحدد أنواع المحاكم وتشكيلها واختصاصاتها، والعلاقات الهرمية بينها.5 كما يتضمن قواعد عمل مختلف الهيئات القضائية ومساعدي القضاء، ويكرس حقوق المتقاضين وضمانات التقاضي المنصوص عليها في الدستور.5 سيتناول هذا التقرير تحليلاً معمقًا لمستجدات القانون 38.15، مع التركيز على المبادئ الجديدة، التغييرات الهيكلية، الخريطة القضائية، دور المحكمة الدستورية، والتحديات والآثار المترتبة على تطبيقه، بهدف تقديم فهم شامل لهذا الإصلاح القضائي المحوري.

II. الإطار الزمني ودخول القانون حيز التنفيذ

تُعد الإضاءة على الإطار الزمني لصدور القانون رقم 38.15 ودخوله حيز التنفيذ أمرًا بالغ الأهمية لفهم مساره التشريعي وتأثيره العملي. صدر الظهير الشريف رقم 1.22.38 بتنفيذ القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي في 30 يونيو 2022.2 وقد نُشر هذا القانون في الجريدة الرسمية عدد 7108 بتاريخ 14 يوليو 2022.1

فيما يتعلق بدخول القانون حيز التنفيذ، فقد نصت المادة 109 منه على أن ذلك سيتم بعد مرور ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.3 وبناءً عليه، دخل القانون 38.15 حيز التطبيق ابتداءً من 15 يناير 2023.1 يمثل هذا التاريخ نقطة تحول حاسمة، حيث تم بموجبه إلغاء العمل بالظهير الشريف المؤرخ في 15 يوليو 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي، وذلك طبقًا للمادة 110 من القانون الجديد.3 هذا يعني أن إطارًا قانونيًا دام 47 عامًا قد تم استبداله بإطار جديد يهدف إلى تحديث المنظومة القضائية.

إن الفترة الفاصلة بين تاريخ نشر القانون وتاريخ دخوله حيز التنفيذ، والمعروفة في المصطلح القانوني بـ "فترة الفراغ التشريعي" (vacatio legis)، والتي بلغت ستة أشهر في هذه الحالة، لم تكن مجرد فترة انتظار عادية. بل كانت اختيارًا تشريعيًا مدروسًا وضروريًا لتمكين جميع الفاعلين في المنظومة القضائية من الاستعداد الكامل للتطبيق الفعلي للمستجدات. خلال هذه الفترة، كان من المتوقع أن تقوم وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة والمحاكم نفسها بتهيئة الأجواء اللازمة للانتقال السلس.12 يشمل ذلك إصدار المراسيم التطبيقية والقرارات التنظيمية اللازمة، وتدريب القضاة وموظفي كتابة الضبط ومساعدي القضاء على المقتضيات الجديدة، وتكييف البنية التحتية للمحاكم، لا سيما فيما يتعلق باعتماد الإدارة الإلكترونية. هذا النهج يعكس إدراكًا من المشرع لتعقيد الإصلاح القضائي وحجم التغييرات التي يفرضها، وبالتالي الحاجة إلى فترة تحضيرية كافية لتجنب أي اضطرابات محتملة في سير العدالة.

ومع ذلك، فإن الإشارة إلى أن هذه الفترة كانت "كافية" 12 قد تثير تساؤلات حول مدى كفايتها في الواقع العملي. ففي حين أنها سمحت بالتحضيرات الأولية، فإن تطبيق قانون بهذا الحجم قد يكشف عن تحديات غير متوقعة تتطلب وقتًا أطول للتكيف الكامل. هذا الجانب يستدعي تقييمًا مستمرًا لمدى فعالية هذه الفترة الانتقالية في تحقيق الأهداف المرجوة، لا سيما في ظل التحديات المرتبطة بالموارد البشرية والتكنولوجية، مما قد يؤثر على تحقيق الأهداف الكاملة للقانون في المدى القريب.

III. المبادئ والقواعد الأساسية الجديدة

جاء القانون رقم 38.15 ليؤطر المنظومة القضائية المغربية بمجموعة من المبادئ والقواعد الأساسية التي تعكس التوجهات الدستورية والسياسات العامة لإصلاح العدالة. هذه المبادئ تهدف إلى تعزيز فعالية القضاء وتقريبه من المتقاضين وضمان محاكمة عادلة للجميع.

1. استقلالية السلطة القضائية

يُعد مبدأ استقلالية السلطة القضائية حجر الزاوية في التنظيم القضائي الجديد، وهو مبدأ دستوري أساسي.2 يؤكد القانون على ضمانات استقلالية القضاة، بما في ذلك استقلالهم في ممارسة مهامهم بتجرد ونزاهة واستقامة، وحماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي.2 هذا المبدأ يضمن أن القضاة يتخذون قراراتهم بناءً على القانون والضمير، بعيدًا عن أي تأثير أو ضغط خارجي. وقد أكدت المحكمة الدستورية في قرارها رقم 89/19 م.د على أهمية هذا المبدأ، معلنة عدم دستورية بعض المواد التي كانت تمنح صلاحيات إدارية أو تقريرية لأطراف غير قضائية (مثل الكاتب العام للمحكمة) في الشأن القضائي، أو التي كانت تسمح بتعيين ممثلين للنيابة العامة من غير القضاة، لتعارضها مع مبدأ استقلال السلطة القضائية والفصل بين السلط.1 هذا التأكيد الدستوري يعزز من مكانة القضاء كركيزة أساسية لدولة الحق والقانون.

2. مجانية التقاضي وضمانات الولوج للعدالة

ينص القانون على مبدأ مجانية التقاضي في الحالات المنصوص عليها قانونًا لمن لا يتوفرون على موارد كافية للتقاضي.2 يهدف هذا المبدأ، المنصوص عليه في الفصل 121 من الدستور، إلى ضمان حصول الجميع على العدالة دون تمييز، وتيسير الولوج إليها.2 في هذا السياق، تم إحداث مكاتب للمساعدة الاجتماعية بالمحاكم الابتدائية، بما فيها ذات الاختصاص الحصري، لتقديم المساعدة القانونية والقضائية للمتقاضين.15 هذا التوجه يعكس التزام الدولة ببعدها الاجتماعي، حيث لا يمكن حرمان أي شخص من اللجوء إلى القضاء بسبب عدم توفره على الموارد المالية الكافية، باعتبار التقاضي حقًا طبيعيًا وأصيلًا.

3. علنية الجلسات ووجوب تعليل الأحكام

يؤكد القانون على ضرورة إجراء المحاكمات بشكل علني، كضمانة أساسية للشفافية والرقابة المجتمعية على العمل القضائي.8 كما ينص على وجوب تعليل الأحكام والنطق بها محررة في تاريخ معلوم لدى الأطراف، وذلك طبقًا لأحكام الفصل 124 من الدستور.2 هذا المبدأ يضمن فهم المتقاضين لأسس القرارات القضائية، ويعزز من مصداقية القضاء ويحد من التعسف أو الخطأ.

4. اللغة العربية كلغة للتقاضي مع مراعاة الأمازيغية

نص القانون على أن اللغة العربية هي لغة التقاضي والمرافعات أمام المحاكم وصياغة الأحكام.3 ومع ذلك، فقد راعى المقتضيات الدستورية المتعلقة بترسيم اللغة الأمازيغية، مما يفتح الباب أمام إدماجها في الإجراءات القانونية والقضائية مستقبلاً.3 هذا التوجه يراعي الهوية اللغوية المتعددة للمملكة ويعزز من تقريب العدالة من جميع المواطنين.

5. اعتماد الإدارة الإلكترونية في الإجراءات والمساطر القضائية

يشجع القانون على استخدام الإدارة الإلكترونية في الإجراءات والمساطر القضائية، بهدف تسهيل الإجراءات على المواطنين والمتقاضين.3 يمثل هذا التوجه خطوة نحو رقمنة الخدمات القضائية، مما يساهم في تسريع وتيرة العمل القضائي وتقليل الأعباء الإدارية على المتقاضين، ويضمن الشفافية والوضوح في تتبع مسار القضايا عن بعد، مع احترام تام للمعطيات الشخصية للأفراد وحمايتها.2

6. تعزيز العدالة التصالحية (الصلح والوساطة)

أتاح القانون إمكانية قيام المحكمة بدعوة الأطراف لحل النزاع المعروض عليها عن طريق الصلح أو الوساطة الاتفاقية في الحالات التي يجيز القانون فيها ذلك.3 هذا المبدأ يعزز من العدالة التصالحية ويهدف إلى تسوية النزاعات خارج إطار التقاضي الرسمي، مما يساهم في تخفيف العبء على المحاكم وتسريع فض النزاعات بطرق ودية وفعالة.2

IV. مستجدات هيكلة المحاكم وتأليفها

جاء القانون رقم 38.15 بتغييرات جوهرية في هيكلة المحاكم وتأليفها، بهدف تعزيز التخصص القضائي، وتبسيط الإجراءات، وتقريب العدالة من المتقاضين.

1. محاكم الدرجة الأولى

شهدت محاكم الدرجة الأولى، التي تشكل القاعدة الأساسية للهرم القضائي، تحديثات مهمة:

  • المحاكم الابتدائية: تم حذف غرف الاستئنافات داخل المحاكم الابتدائية.3 هذا التغيير يهدف إلى توحيد مسار الطعن بالاستئناف أمام محاكم الاستئناف، مما يعزز من التخصص ووضوح المسطرة. كما أصبحت هناك إمكانية لاشتمال بعض المحاكم ال


    ابتدائية على أقسام متخصصة في القضاء التجاري تختص بالبت في القضايا التجارية، وأقسام متخصصة في القضاء الإداري تختص بالبت في القضايا الإدارية.3 تُحدث هذه الأقسام بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية.3 هذا التخصص يساهم في تعزيز الكفاءة القضائية في المجالات المعقدة.

  • المراكز القضائية: شهدت هذه المراكز تغييرًا في التسمية من "مراكز القضاة المقيمين" إلى "المراكز القضائية".10 كما تم تحديد كيفية إحداثها بموجب مرسوم، بعد أن كانت تُحدث بقرار وزاري سابقًا.10 هذه المراكز هي وحدات قضائية باختصاصات محددة، تهدف إلى تقريب العدالة من المواطنين في المناطق القروية وشبه القروية.17

  • مكاتب المساعدة الاجتماعية: تم إحداث مكاتب للمساعدة الاجتماعية في المحاكم الابتدائية، بما فيها ذات الاختصاص الحصري.15 تُكلف هذه المكاتب بمهام قضائية وإدارية، مثل إجراء الأبحاث الاجتماعية، وممارسة الوساطة أو الصلح، وتتبع تنفيذ العقوبات، ودعم الفئات الخاصة وضحايا الجرائم.13 ومع ذلك، فقد أعلنت المحكمة الدستورية عدم دستورية المادة 52 من القانون فيما أوكلته من مهام قضائية لمكتب المساعدة الاجتماعية دون تكليف أو إشراف قضائي، معتبرة ذلك تدخلاً في ممارسة الشؤون القضائية الموكولة حصراً للسلطة القضائية.13 هذا القرار يؤكد على ضرورة أن تكون المهام القضائية تحت إشراف قضائي مباشر.

  • توسيع مجالات القضاء الفردي في قضايا الأسرة: تم توسيع مجالات القضاء الفردي في ميدان الأسرة.3 هذا التوجه يهدف إلى تسريع البت في بعض قضايا الأسرة، مثل قضايا الطلاق الاتفاقي والالتزامات الزوجية والحق في زيارة المحضون ونزاعات بيت الزوجية وقضايا الحالة المدنية، مما يخفف العبء على الهيئات القضائية.11

2. محاكم الدرجة الثانية

شملت المستجدات أيضًا محاكم الدرجة الثانية، التي تنظر في الطعون ضد الأحكام الابتدائية:

  • محاكم الاستئناف: أصبحت هناك إمكانية لاشتمال محاكم الاستئناف على أقسام متخصصة في القضاء التجاري والإداري، على غرار المحاكم الابتدائية.3 كما يمكن إحداث غرف ملحقة بهذه المحاكم، والتي قد تتخذ شكل بنايات مستقلة داخل النفوذ المحلي للمحكمة.10 هذه التغييرات تهدف إلى تعزيز التخصص القضائي على مستوى الاستئناف وتقريب العدالة المتخصصة من المتقاضين.

  • تأليف محاكم الاستئناف: تتألف محاكم الاستئناف من رئيس أول، ووكيل عام للملك، وعدة نواب عامين، وقضاة مستشارين يتولون البت في القضايا، بالإضافة إلى قضاة مكلفين بالتحقيق وقضاة مكلفين بالأحداث.15 يُعد الوكيل العام للملك المسؤول الأول عن جهاز النيابة العامة بالمحكمة.15

3. محكمة النقض

شملت المستجدات محكمة النقض، وهي أعلى هيئة قضائية في المملكة:

  • تخصص القضاة عند تعيينهم: ينص القانون على تخصص القضاة عند تعيينهم في المحاكم والأقسام المتخصصة.15 هذا التخصص يضمن كفاءة أعلى في البت في القضايا المعروضة على محكمة النقض.

  • تأليف محكمة النقض وغرفها: تتألف محكمة النقض من الرئيس الأول، والوكيل العام للملك، ورؤساء الغرف، والمستشارين، والمحامين العامين.19 وتتكون محكمة النقض من ست غرف: الغرفة المدنية، وغرفة الأحوال الشخصية والميراث (التي يدخل فيها العقار)، والغرفة الاجتماعية، والغرفة التجارية، والغرفة الإدارية، والغرفة الجنائية.19 هذا التخصص في الغرف يعكس تنوع القضايا التي تنظر فيها المحكمة ويضمن معالجة متخصصة لكل نوع من النزاعات.

4. الهياكل الإدارية للمحاكم

أدخل القانون 38.15 تغييرات على الهياكل الإدارية للمحاكم لتعزيز تنظيمها وكفاءتها:

  • إحداث منصب الكاتب العام للمحكمة: تم إحداث منصب الكاتب العام للمحكمة، الذي يُعد مسؤولاً إداريًا وقضائيًا في المحكمة.15 ومع ذلك، فقد أعلنت المحكمة الدستورية عدم دستورية تعيين الكاتب العام للمحكمة من بين أطر كتابة الضبط وممارسته لمهام ذات طبيعة قضائية دون إخضاعه لسلطة ومراقبة المسؤول القضائي، لكون ذلك مخالفًا للدستور.13 هذا القرار يؤكد على ضرورة الفصل بين السلطات وضمان الإشراف القضائي على المهام ذات الطبيعة القضائية.

  • لجان صعوبات سير العمل والتنسيق: تم إنشاء لجنة صعوبات سير العمل بالمحكمة بموجب المادة 18، ولجنة التنسيق بموجب المادة 24، مما يعزز هيكلة المحاكم وتنظيمها.15 تهدف هذه اللجان إلى ضمان السير العادي لعمل المحاكم ومعالجة أي تحديات قد تواجهها.

V. الخريطة القضائية والاختصاصات

يُعد تحديد الخريطة القضائية للمملكة أحد أبرز مستجدات القانون 38.15، حيث يهدف إلى تحقيق توزيع عادل للقضاء وتقريب العدالة من المتقاضين.

1. تحديد الخريطة القضائية للمملكة بموجب المرسوم رقم 2.23.665

صدر المرسوم رقم 2.23.665 بتاريخ 10 نوفمبر 2023 (25 ربيع الآخر 1445)، والذي يحدد الخريطة القضائية للمملكة.21 نُشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية عدد 7260 بتاريخ 28 ديسمبر 2023 (14 جمادى الآخرة 1445).21 بناءً على هذا المرسوم، تتكون الخريطة القضائية للمملكة من المحاكم التالية:

Table 1: توزيع المحاكم ودوائر اختصاصها المحلي

نوع المحكمة

العدد الإجمالي

ملاحظات

المحاكم الابتدائية

88

17

المحاكم الابتدائية التجارية

10

17

المحاكم الابتدائية الإدارية

10

17

محاكم الاستئناف

23

17

محاكم الاستئناف التجارية

5

17

محاكم الاستئناف الإدارية

5

17

المراكز القضائية

83

17

محكمة النقض

1

مقرها بالرباط 10

تشمل الخريطة القضائية أيضًا أقسام الجرائم المالية، حيث تم تحديد أربع محاكم استئناف تشتمل على هذه الأقسام.17

2. تغيير أحكام المادتين 74 و 75: تحقيق الملاءمة بين التقسيم القضائي والتقطيع الجهوي الإداري

يهدف مشروع القانون إلى تغيير أحكام المادتين 74 و 75 من القانون 38.15 لتحقيق الملاءمة بين التقسيم القضائي والتقطيع الجهوي الإداري.4 يضمن هذا التغيير توزيعًا عادلًا للقضاء المتخصص (التجاري والإداري) بمختلف درجاته على مجموع تراب المملكة، بهدف تقريب القضاء من المتقاضين وعقلنة الخريطة القضائية.4

إن التعديل على المادتين 74 و 75 من قانون التنظيم القضائي سيسمح بالطعن في القرارات الصادرة عن المحاكم التجارية والإدارية الابتدائية أمام الغرف القضائية المتخصصة التابعة لمحاكم الاستئناف العادية.22 هذا يعني أن المتقاضين في الدوائر القضائية التي لا تتوفر على محاكم متخصصة (تجارية أو إدارية) لن يضطروا إلى التنقل لمسافات طويلة للوصول إلى المحاكم المتخصصة في مدن أخرى.22 هذا الإجراء يقلل من الأعباء المالية والزمنية على المتقاضين، ويعزز من مبدأ تقريب العدالة.

Table 2: مقارنة بين الاختصاصات القضائية قبل وبعد تعديل المادتين 74 و 75

الجانب

قبل تعديل المادتين 74 و 75

بعد تعديل المادتين 74 و 75

الطعن في أحكام المحاكم الابتدائية المتخصصة (تجارية وإدارية)

يقتصر على محاكم الاستئناف التجارية والإدارية المتخصصة في الدوائر القضائية التي توجد بها هذه المحاكم.

يمكن الطعن في أحكام المحاكم الابتدائية التجارية والإدارية أمام الغرف القضائية المتخصصة التابعة لمحاكم الاستئناف العادية، في الدوائر التي لا تتوفر على محاكم استئناف متخصصة. 22

الولوج إلى العدالة المتخصصة

محدود جغرافيًا، يتطلب التنقل إلى المدن التي توجد بها المحاكم المتخصصة.

توسيع نطاق الولوج إلى العدالة المتخصصة من خلال الغرف المتخصصة بمحاكم الاستئناف العادية، مما يقلل من أعباء التنقل على المتقاضين. 22

المرونة في الخريطة القضائية

أقل مرونة، يتطلب إحداث محاكم متخصصة جديدة لتعميم التخصص.

زيادة المرونة في الخريطة القضائية، مما يسمح باستغلال أفضل للبنية التحتية للمحاكم وتعبئة ذكية للموارد البشرية واللوجستية. 22

هذا التعديل يعكس توجهًا نحو تحقيق توازن بين ضرورة التخصص القضائي والحاجة إلى تقريب العدالة من جميع المواطنين، في انتظار تعميم المحاكم المتخصصة على الصعيد الوطني.

VI. الإشراف والتفتيش القضائي والإداري

يُعد الإشراف والتفتيش القضائي والإداري ركيزة أساسية لضمان حسن سير العمل القضائي واستقلالية القضاة وشفافية الإدارة القضائية. وقد أولى القانون 38.15 اهتمامًا خاصًا لهذه الجوانب، موزعًا المهام بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل.

1. دور المجلس الأعلى للسلطة القضائية في الإشراف على القضاة

يمارس المجلس الأعلى للسلطة القضائية إشرافه على جميع قضاة الأحكام العاملين بالمحاكم، بمن فيهم الرؤساء الأولون لمحاكم الدرجة الثانية ورؤساء محاكم الدرجة الأولى.2 يتولى المجلس وضع السياسة العامة لتطوير شؤون السلطة القضائية والإشراف على تنفيذها، والبت في ترقيات القضاة ونقلهم وندبهم وإعارتهم.23 هذا الدور يعزز من استقلالية القضاة عن السلطة التنفيذية ويضمن تدبيرًا مهنيًا لمسارهم الوظيفي.

2. دور رئاسة النيابة العامة في الإشراف على أعضاء النيابة العامة

تمارس رئاسة النيابة العامة سلطتها وإشرافها على كافة أعضاء النيابة العامة بمختلف المحاكم، بما في ذلك وكلاء الملك لدى محاكم الدرجة الأولى.3 هذا الإشراف يضمن توحيد السياسة الجنائية وفعالية عمل النيابة العامة في تطبيق القانون.

3. التفتيش القضائي والإداري للمحاكم

ميز القانون 38.15 بين نوعين من التفتيش:

  • التفتيش القضائي: تقوم به المفتشية العامة للشؤون القضائية، ويختص بمراقبة وظيفة القضاة وعملهم القضائي الصرف، والبحث في المشاكل والصعوبات التي يواجهونها، والتحقيق في الشكايات المتعلقة بالعمل القضائي.1 هذا التفتيش يندرج ضمن صلاحيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، كل في مجال اختصاصه.25

  • التفتيش الإداري والمالي: يظل من اختصاص وزارة العدل.12 وقد أكدت المحكمة الدستورية في قرارها رقم 89/19 م.د على أن اختصاص التفتيش المخول للمفتشية العامة للوزارة المكلفة بالعدل يجب أن يبقى محصورًا في الجوانب الإدارية والمالية للإدارة القضائية، ولا يمتد إلى عملها القضائي، وذلك مراعاة لاستقلال السلطة القضائية.13 هذا التمييز يهدف إلى تحقيق التوازن بين الرقابة الإدارية والمالية الضرورية لضمان حسن تدبير المحاكم، وبين حماية استقلالية القضاة في ممارسة مهامهم القضائية.

4. دوريات المجلس الأعلى للسلطة القضائية ذات الصلة بالقانون 38.15

أصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية عدة دوريات لتفعيل مقتضيات القانون 38.15. من أبرزها الدورية رقم 22/52 بتاريخ 8 ديسمبر 2022.2 تدعو هذه الدورية القضاة إلى تفعيل مقتضى تضمين الرأي المخالف للقاضي في المحاضر، بهدف تعزيز العدالة التصالحية وتحقيق الغايات المثلى من هذا النص.2

تؤكد الدورية على ضرورة احترام الضوابط التالية لتضمين الرأي المخالف:

  • لا يتم اللجوء إلى تضمين وجهة نظر القاضي المخالف بشكل تلقائي في كل قضية لم يتحقق فيها إجماع أعضاء الهيئة، بل يجب أن يكون ذلك بمبادرة من القاضي صاحب الرأي المخالف.2

  • يجب أن يتضمن المحضر المنجز بهذا الخصوص رأي القاضي صاحب الرأي المخالف.2

  • يجب أن تكون وجهة نظر القاضي صاحب الرأي المخالف معللة، أي أن يبرر القاضي المعني رأيه.2

  • يجب أن يوقع جميع أعضاء الهيئة على المحضر المنجز بشأن هذه العملية.2

  • يُوضع المحضر المذكور في غلاف مختوم، ويُسلم لرئيس المحكمة المعنية أو نائبه.2

  • يحتفظ رئيس المحكمة بالغلاف المختوم الذي يتضمن المحضر في خزانة حديدية بمكتبه لمدة عشر سنوات، ولا يمكن الاطلاع عليه إلا بقرار من المجلس الأعلى للسلطة القضائية.2

هذه التوجيهات التفصيلية من المجلس الأعلى للسلطة القضائية تهدف إلى تفعيل مقتضيات القانون الجديد بشكل يضمن الشفافية والمساءلة داخل الهيئات القضائية، ويعزز من جودة الأحكام القضائية من خلال توثيق جميع الآراء، حتى المخالفة منها.

VII. قرار المحكمة الدستورية وتأثيره

يمثل قرار المحكمة الدستورية رقم 89/19 م.د، الصادر بتاريخ 8 فبراير 2019، نقطة محورية في مسار إقرار وتطبيق القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي.13 جاء هذا القرار بناءً على إحالة من رئيس الحكومة، لتبت المحكمة في مدى مطابقة القانون للدستور قبل إصدار الأمر بتنفيذه.13

أعلنت المحكمة الدستورية عدم دستورية أو عدم مطابقة بعض المواد في القانون 38.15، وذلك لأسباب شكلية وموضوعية:

  • من حيث الإجراءات الشكلية: صرحت المحكمة بأن مسطرة إقرار التعديلات التي أدخلها مجلس النواب في القراءة الثانية على المواد 7، 23، 48، 52، 71، 96، 103، و107 من القانون المتعلق بالتنظيم القضائي، كانت غير مطابقة للدستور.13 ويعود ذلك إلى أن مجلس النواب أدخل تعديلات غيرت من صيغة النص كما وافق عليه مجلس المستشارين، ولم يُرجع صيغة المواد إلى ما كانت عليه في القراءة الأولى، مما يعني أن الصيغة الجديدة لم تُحل على مجلس المستشارين، وهو ما يتنافى مع قواعد التداول بين مجلسي البرلمان ويخالف الفصل 84 من الدستور.13

  • من حيث الموضوع (المواد التي أعلنت عدم دستوريتها أو عدم مطابقتها):

    • المادة 19 (الفقرة الأولى): أعلنت المحكمة عدم دستوريتها لعدم مراعاتها طبيعة عمل النيابة العامة في تنظيم كتابة الضبط في هيئة واحدة.13

    • المادة 23 (الفقرة الثالثة): قضت المحكمة بعدم دستوريتها فيما نصت عليه من تخويل الكاتب العام أداء مهام كتابة الضبط ذات الطبيعة القضائية دون إخضاعه لسلطة ومراقبة المسؤول القضائي، معتبرة ذلك مخالفًا لمبدأ استقلال السلطة القضائية والفصل بين السلط.13

    • المواد 27 (الفقرة الأولى)، 28 (الفقرة الأولى)، و93: أعلنت عدم دستوريتها فيما خولته من صلاحيات تقريرية للكاتب العام في أشغال مكتب المحكمة المتعلقة بالشأن القضائي، وهو ما يتعارض مع مبدأ استقلال السلطة القضائية.13

    • المواد 27 (الفقرة الثانية)، 28 (الفقرة الثانية)، 60، و78: قضت المحكمة بعدم دستوريتها فيما نصت عليه من تعيين وكيل الملك والوكيل العام للملك ممثلين لهم للقيام بمهام النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية.13 اعتبرت المحكمة أن صلاحية تعيين القضاة (بمن فيهم أعضاء النيابة العامة) تندرج في اختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية حصراً، وليس وكيل الملك أو الوكيل العام للملك، وذلك لضمان استقلالية القضاة.13

    • المواد 32 (الفقرة الأخيرة)، 35، و96 (الفقرة الرابعة): أعلنت المحكمة عدم دستوريتها فيما أغفلته من تحديد المسطرة المتبعة في حالات معينة، مثل عدم تمكن الجمعية العامة من عقد اجتماعها أو عدم مصادقتها على برنامج عمل المحكمة.13 رأت المحكمة أن غياب مقتضيات مؤطرة لهذه الحالات يجعل القانون غير مكتمل ويؤثر على حسن سير العدالة.13

    • المادتين 49 (الفقرة الأخيرة) و72 (الفقرة الأخيرة): قضت المحكمة بعدم دستوريتهما فيما أسندتاه من صلاحية للرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية لتعيين قضاة متخصصين (مثل قضاة الأسرة المكلفين بالزواج، وقضاة التحقيق، وقضاة الأحداث)، مؤكدة أن هذه الصلاحية هي من اختصاص المجلس الأعلى للسلطة القضائية ككل.13

    • المادة 52: أعلنت عدم دستوريتها فيما أوكلته من مهام قضائية لمكتب المساعدة الاجتماعية دون تكليف أو إشراف قضائي، معتبرة ذلك تدخلاً في الشؤون القضائية.13

إن تأثير قرار المحكمة الدستورية كان بالغ الأهمية، حيث فرض على المشرع إعادة النظر في المواد التي أعلنت عدم دستوريتها لضمان التوافق التام مع أحكام الدستور.27 هذا القرار لم يصحح فقط مسارًا تشريعيًا، بل عزز أيضًا من مبدأ سمو الدستور واستقلالية السلطة القضائية، مؤكدًا على أن أي إصلاح قضائي يجب أن يلتزم بالضوابط الدستورية الصارمة، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الصلاحيات بين السلطات القضائية والتنفيذية، وضمانات استقلال القضاء. كما أن هذا القرار يؤكد على أن أي تفويض للصلاحيات يجب أن يتم في إطار قانوني واضح لا يمس جوهر الاختصاصات الدستورية للمؤسسات القضائية.

VIII. التحديات والآثار والتوصيات

يمثل القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي خطوة إصلاحية كبرى في المغرب، إلا أن تطبيقه لا يخلو من تحديات ويترتب عليه آثار مهمة، تتطلب متابعة وتكييفًا مستمرين لضمان تحقيق أهدافه المرجوة.

1. التحديات العملية لتطبيق القانون 38.15

على الرغم من الفترة الانتقالية التي سبقت دخول القانون حيز التنفيذ، والتي هدفت إلى تهيئة المحاكم والإدارة القضائية، فإن التطبيق العملي لقانون بهذا الحجم قد يواجه عدة تحديات:

  • التكييف البشري والمؤسسي: يتطلب القانون الجديد تدريبًا مكثفًا للقضاة وموظفي كتابة الضبط ومساعدي القضاء على المقتضيات الجديدة، وتغييرًا في الممارسات والإجراءات المعتادة. قد يستغرق هذا التكييف وقتًا وجهدًا كبيرين لضمان فهم وتطبيق موحد للمقتضيات القانونية.

  • البنية التحتية والرقمنة: رغم تشجيع القانون على اعتماد الإدارة الإلكترونية، فإن التحول الرقمي الكامل يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية التكنولوجية وتأهيل الموارد البشرية لاستخدامها بفعالية.3 قد تواجه بعض المحاكم صعوبات في مواكبة هذا التحول، مما يؤثر على كفاءة الخدمات الإلكترونية.

  • الخريطة القضائية وتوزيع الموارد: على الرغم من هدف عقلنة الخريطة القضائية وتقريب العدالة، فإن التوزيع الفعلي للمحاكم المتخصصة والمراكز القضائية قد يواجه تحديات لوجستية ومالية، وقد لا يلبي بالكامل احتياجات جميع المناطق بشكل فوري.

  • التحديات الناجمة عن قرار المحكمة الدستورية: تطلبت المواد التي أعلنت المحكمة الدستورية عدم دستوريتها أو عدم مطابقتها إعادة صياغة وتعديل، مما قد يؤخر بعض جوانب التطبيق أو يخلق بعض الغموض في الفترة الانتقالية.13

2. الآثار المتوقعة للقانون على نجاعة العدالة وتقريبها من المتقاضين

من المتوقع أن يترك القانون 38.15 آثارًا إيجابية كبيرة على المنظومة القضائية المغربية:

  • تعزيز استقلالية القضاء: من خلال المبادئ والضمانات التي جاء بها، ومن خلال تصحيحات المحكمة الدستورية، يعزز القانون من استقلالية السلطة القضائية، مما ينعكس إيجابًا على ثقة المتقاضين في نزاهة وفعالية العدالة.

  • تقريب العدالة من المتقاضين: يساهم التوزيع العادل للقضاء المتخصص وإحداث المراكز القضائية في تقليل المسافات والتكاليف على المتقاضين، مما يسهل عليهم الولوج إلى الخدمات القضائية.4

  • تحسين نجاعة العمل القضائي: يساهم التخصص في المحاكم والأقسام القضائية، واعتماد الإدارة الإلكترونية، وتعزيز العدالة التصالحية، في تسريع وتيرة البت في القضايا وتحسين جودة الأحكام.2

  • تبسيط الإجراءات: يهدف القانون إلى تبسيط المساطر القضائية، مما يقلل من التعقيدات التي قد تواجه المتقاضين ويجعل المنظومة القضائية أكثر وضوحًا وشفافية.

3. توصيات لضمان التطبيق الأمثل للقانون وتحقيق أهدافه

لتحقيق الأهداف الكاملة للقانون 38.15 وضمان تطبيقه الأمثل، يمكن تقديم التوصيات التالية:

  • المتابعة والتقييم المستمر: يجب وضع آليات فعالة للمتابعة والتقييم المستمر لتطبيق القانون على أرض الواقع، لتحديد أي صعوبات أو ثغرات ومعالجتها بشكل استباقي.

  • الاستثمار في الرأسمال البشري: ضرورة مواصلة وتكثيف برامج التكوين المستمر للقضاة وموظفي كتابة الضبط ومساعدي القضاء، لضمان استيعابهم الكامل للمستجدات وتطوير مهاراتهم في مجالات التخصص والإدارة الإلكترونية.

  • تسريع التحول الرقمي: يجب تسريع وتيرة رقمنة الخدمات القضائية وتعميمها، مع توفير الدعم التقني اللازم للمحاكم والمتقاضين لضمان الولوج السلس والفعال لهذه الخدمات.

  • تعزيز التواصل والتوعية: إطلاق حملات توعية واسعة النطاق للمواطنين والمهنيين القانونيين حول مستجدات القانون والخريطة القضائية الجديدة، وحقوق المتقاضين، وكيفية الاستفادة من الخدمات الجديدة.

  • معالجة الغموض التشريعي: في حال ظهور أي غموض أو تضارب في النصوص القانونية أثناء التطبيق، يجب التدخل التشريعي السريع لإزالة هذا الغموض من خلال تعديلات واضحة أو إصدار دوريات تفسيرية.

  • تفعيل مكاتب المساعدة الاجتماعية: يجب تفعيل دور مكاتب المساعدة الاجتماعية بشكل كامل، وتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لها، لضمان وصول المساعدة القضائية والقانونية إلى جميع الفئات المستحقة.

IX. خاتمة

في الختام، يمثل القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي في المغرب إصلاحًا تشريعيًا طموحًا يهدف إلى تحديث وعصرنة المنظومة القضائية بما يتماشى مع التطورات الدستورية والمجتمعية. لقد جاء هذا القانون بمبادئ جديدة تعزز استقلالية القضاء، وتضمن مجانية التقاضي، وتدعم العدالة التصالحية، وتعتمد الإدارة الإلكترونية، مما يرمي إلى تحقيق عدالة ناجعة ومتاحة للجميع.

إن التغييرات الهيكلية في المحاكم، وتحديد الخريطة القضائية الجديدة، وتوزيع الاختصاصات، كلها خطوات تهدف إلى تقريب القضاء من المتقاضين وعقلنة عمل المحاكم. ورغم التحديات التي قد تواجه عملية التطبيق، فإن الآثار المتوقعة لهذا القانون تبشر بتحسينات ملموسة في نجاعة العدالة وشفافيتها.

إن نجاح هذا الإصلاح يعتمد بشكل كبير على الالتزام المستمر بضمان تطبيقه الأمثل، والاستثمار في الموارد البشرية والتكنولوجية، ومعالجة أي تحديات قد تظهر في الممارسة العملية. فالمغرب يسعى من خلال هذا القانون إلى بناء نظام قضائي حديث وفعال، يكون حصنًا لدولة الحق والقانون، وداعمًا أساسيًا للتنمية الشاملة.

تعليقات