مستجدات
قانومستجدات ن المسطرة في المغرب: تحليل شامل لمشروعي القانون رقم 02.23 و 03.23 وتأثيراتهمامقدمةيأتي إصلاح منظومة العدالة في المملكة المغربية كورش ملكي طموح يهدف إلى تحديث القضاء وتعزيز فعاليته ونجاعته، تماشياً مع التوجيهات السامية ومقتضيات الدستور.1 يشكل قانونا المسطرة المدنية والجنائية حجر الزاوية في هذا الإصلاح، نظراً لدورهما المحوري في تنظيم الإجراءات القضائية وضمان حقوق المتقاضين، وهما يمثلان الأدوات الإجرائية التي تحول القانون الموضوعي من دائرة السكون إلى الحركة.3إن هذه التعديلات التشريعية ليست مجرد تحديثات جزئية، بل هي جزء من مبادرة استراتيجية شاملة تهدف إلى تحديث الإطار القضائي بأكمله.1 يبرز هذا التوجه الشامل ضرورة معالجة أوجه القصور القائمة في النظام القضائي، مثل التأخيرات في المحاكم، وضمان وصول أسرع وأكثر فعالية للعدالة للمواطنين.1 يعكس هذا الإصلاح إدراكاً بأن نجاح التغييرات في القوانين الإجرائية يتوقف بشكل كبير على التزامن مع إصلاحات أخرى في التنظيم القضائي، وتكوين الكوادر البشرية، وتطوير البنية التحتية، مما يؤكد على أن التأثير سيكون محسوساً في جميع جوانب النظام القضائي.يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل شامل للمستجدات التشريعية الأخيرة في مشروعي قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 وقانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، مع التركيز على أهدافهما، أبرز التعديلات، الوضع التشريعي الراهن، والآراء والتحليلات النقدية حولهما، بالإضافة إلى التحديات المتوقعة لتطبيقهما.أولاً: مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23يشكل مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 نقلة نوعية في مسار تحديث العدالة المدنية بالمغرب، وقد أُعِدَّ بمبادرة من وزارة العدل بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية.أ. الأهداف والمبادئ الرئيسيةيهدف هذا المشروع إلى تحقيق العدالة الناجزة من خلال تعزيز الفعالية القضائية وتسريع زمن التقاضي.1 يتضمن القانون الجديد تعديلات جوهرية تركز على الحد من التأخيرات في المحاكم وتبسيط الإجراءات لضمان حصول المواطنين على حقوقهم في الوقت المناسب وبأقل عناء.1 كما يسعى المشروع إلى التصدي للدعاوى الكيدية، وذلك بفرض غرامات مدنية على المتقاضين بسوء نية.2علاوة على ذلك، يهدف المشروع إلى مواكبة التطورات الرقمية من خلال تحويل النظام القضائي إلى "محكمة إلكترونية".1 هذا التحول الرقمي ليس مجرد تحديث تقني، بل هو أداة استراتيجية لتعزيز الشفافية والسرعة في المعاملات القضائية.1 إن الربط بين الرقمنة وتحقيق العدالة السريعة يوضح أن التكنولوجيا تُعتبر وسيلة أساسية لتحقيق الأهداف الإصلاحية، مما يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية وتدريب الكوادر البشرية لضمان سلاسة وفعالية الإجراءات.ب. أبرز التعديلات والمقتضيات الجديدةتضمن مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 العديد من المستجدات الهامة التي تعكس التوجه العام نحو تحديث المنظومة القضائية:الرقمنة والتقاضي الإلكتروني: نص المشروع على إحداث منصة إلكترونية للتقاضي عن بعد، واعتماد عنوان البطاقة الوطنية في الإجراءات القضائية لضمان التبليغ الفعال.6 يهدف هذا الإجراء إلى تقنين التقاضي الرقمي بشكل ممنهج ومتدرج.7تعديلات الاختصاص القضائي:تم دمج المقتضيات المتعلقة بقضاء القرب والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية في صلب قانون المسطرة المدنية الموحد، بدلاً من بقائها متفرقة في نصوص خاصة.2 هذا الدمج يعكس توجهاً نحو توحيد القضاء وتبسيط توزيع القضايا، مما يقلل من النزاعات حول الاختصاص ويجعل العملية القضائية أكثر وضوحاً للمتقاضين.أُسند الاختصاص للمحاكم الابتدائية للنظر في القضايا المدنية والاجتماعية وقضايا الأسرة وقضاء القرب والقضايا الإدارية والتجارية المنوطة بالأقسام المتخصصة بها، وفي جميع القضايا التي تسند إليها بمقتضى نص خاص.2أُسند الاختصاص للمحاكم الابتدائية التي لا تتضمن أقساماً متخصصة في القضاء التجاري، مع حفظ حق الاستئناف في القضايا التجارية التي لا تتجاوز قيمتها 100,000 درهم.2تم رفع قيمة الاختصاص الانتهائي للمحاكم الابتدائية إلى 30,000 درهم (بعد أن كانت الصيغة الأصلية تقترح 40,000 درهم)، وتحديد اختصاص قضاء القرب في حدود 10,000 درهم (عوض 5,000 درهم).7تأثير على طرق الطعن:شمل المشروع تقليص مجال الحق في الطعن في الأحكام بهدف تخفيف عدد القضايا المعروضة أمام القضاء ومواجهة مشكل الخصاص في الموارد البشرية.8تم تخفيض مبلغ القضايا التي لا تقبل الاستئناف من 40,000 إلى 10,000 درهم.9كما تم تقليص مجال الطعن بالنقض في القرارات الصادرة في الطلبات التي تقل قيمتها عن 80,000 درهم (بعد أن كان المشروع في صيغته الأصلية يحدد هذا المبلغ في 100,000 درهم، والقانون الجاري به العمل لا يجيز الطعن في القرارات التي لا تتجاوز 20,000 درهم).7ألغيت الغرف الاستئنافية بالمحاكم الابتدائية تبعا لقانون التنظيم القضائي.2اعتبر الطعن بالنقض بمثابة تنازل عن الطعن بالتعرض.7منحت محكمة النقض إمكانية البت في القضية متى كان الطعن بالنقض قد وقع للمرة الثانية وتوفرت المحكمة على جميع العناصر الواقعية.2أصبح بإمكان محكمة الدرجة الثانية أن تتصدى للبت في جوهر القضية إذا أبطلت أو ألغت الحكم المطعون فيه، في جميع الأحوال، حتى ولو لم تكن القضية جاهزة.2دور النيابة العامة في الدعوى المدنية: أعاد المشروع تنظيم مجال تدخل النيابة العامة في الدعوى المدنية باعتبارها وكيلة المجتمع، حيث أجاز لها، سواء كانت طرفاً في الدعوى أم لا، حق الطعن من أجل التصريح ببطلان الحكم المخالف للنظام العام دون التقييد بآجال الطعن.12 هذا التعديل يعكس نقل اختصاصات من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة.2إلغاء مؤسسة القيم ومسطرة البريد المضمون: تم إلغاء مسطرتي القيم والبريد المضمون، واعتماد عنوان البطاقة الوطنية للطرف المراد تبليغه في حالة رجوع طي التبليغ بأي ملاحظة، مما يهدف إلى تبسيط إجراءات التبليغ.9إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ: نص المشروع على إحداث مؤسسة جديدة لقاضي التنفيذ، وتحديد اختصاصاته والمسطرة المتبعة أمامه، بالإضافة إلى القواعد العامة للتنفيذ الجبري.2حماية حقوق المتقاضين: نص المشروع على إمكانية التصريح بعدم قبول الدعوى في حالة انعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إذا كان ضرورياً، مع إلزام المحكمة بإنذار الطرف المعني بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده.2 كما تم فرض غرامة مدنية تتراوح بين 10,000 و 20,000 درهم لفائدة الخزينة على كل من يتقاضى بسوء نية، بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر.2التشجيع على التحكيم والوساطة: يهدف المشروع إلى التشجيع على حل النزاعات بالطرق البديلة كالتحكيم والوساطة كوسيلة لتخفيف العبء على المحاكم.15ج. الوضع التشريعي الحاليمر مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 بمراحل تشريعية متعددة:صادق مجلس الحكومة على المشروع في 28 أغسطس 2023.6أُحيل على مجلس النواب في 09 نوفمبر 2023، ثم على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في 13 نوفمبر 2023.17صادق مجلس النواب على المشروع بالأغلبية (104 نواب موافقين، 35 معارضاً) في جلسة عامة بتاريخ 23 يوليو 2024.10ورد على مجلس المستشارين بتاريخ 24 يوليو 2024، وأُحيل إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في 25 يوليو 2024.20صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب على القانون في قراءة ثانية بتاريخ 3 يونيو 2025.21أنهى مجلس المستشارين دراسة المشروع والتصويت عليه في 27 مايو 2025.9يُلاحظ أن المشروع خضع لتعديلات جوهرية خلال مساره التشريعي، حيث قُبل 256 تعديلاً كلياً و65 تعديلاً جزئياً.12 هذا التفاعل الكبير مع مقتضياته يعكس دينامية العملية التشريعية واستجابة الحكومة للملاحظات المثارة من قبل أعضاء البرلمان والجهات المعنية، بما في ذلك احتجاجات المحامين ودفاعهم عن حقوق المواطنين.9 هذا التعديل المستمر للنص القانوني يشير إلى أن النسخة النهائية المعتمدة قد تختلف بشكل كبير عن المسودة الأولية، مما يعكس عملية تشاركية تهدف إلى تحسين جودة النص القانوني.د. آراء وتحليلات حول المشروعأثار مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 جدلاً واسعاً بين مختلف المتدخلين في المجال القانوني، بين مؤيد ومعارض لمقتضياته.الملاحظات والانتقادات:مساس بمبدأ المساواة والحق في التقاضي على درجتين: انتقدت أحزاب المعارضة وخبراء قانونيون القيود المالية المفروضة على الطعون (الاستئناف والنقض).8 اعتبرت هذه القيود تمييزاً يحرم المتقاضين ذوي القضايا ذات المبالغ المنخفضة من حقهم في الطعن، وتتناقض بشكل صريح وواضح مع مبدأ المساواة في الولوج إلى المرافق العمومية ومجانية التقاضي المنصوص عليها في الدستور.10 يرى البعض أن هذا التقييد يهدف إلى تقليص عدد الملفات لتغطية النقص في الموارد البشرية، على حساب حقوق المتقاضين.10إلزامية المحامي: أثارت محاولة فرض إلزامية المحامي في التقاضي جدلاً واسعاً.23 اعتبرها البعض مساساً بحق المواطن في الترافع عن نفسه وحقوق الدفاع، ودعوا إلى جعلها اختيارية، مؤكدين أن إلزامية المحامي غير دستورية وتصادر حقوق الناس في التقاضي.5تأثير على الاجتهاد القضائي: هناك ادعاءات بأن إلغاء قانون المسطرة المدنية الجاري به العمل سيجهز على ما يزيد عن نصف قرن من الاجتهاد القضائي واستقرار العمل القضائي.23غياب حلول ناجعة للتبليغ والتنفيذ: رغم المستجدات، لا تزال هناك انتقادات حول عدم تقديم المشروع لحلول كافية لإشكاليات التبليغ والتنفيذ، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام ضد الدولة والجماعات الترابية التي لا تخضع أموالها وممتلكاتها للحجز لهذه الغاية.14التحديات المتوقعة للتطبيق:توفير الكوادر البشرية المؤهلة: يتطلب التحول الرقمي والتعامل مع التكنولوجيا الجديدة توفير كوادر قضائية وإدارية مؤهلة ومدربة بشكل كافٍ.1البنية التحتية الرقمية: يحتاج النظام القضائي إلى تجهيزات تقنية وبنية تحتية رقمية قوية وموثوقة لضمان سلاسة وفعالية الإجراءات.1تعقيدات القضايا: بعض القضايا المعقدة قد تتطلب وقتاً أطول للبت، مما قد يؤدي إلى استمرار بعض التأخيرات رغم جهود التسريع.1إن التحدي الأبرز يكمن في الموازنة بين هدف تسريع زمن التقاضي وتخفيف العبء على المحاكم، وبين ضمان الحقوق الدستورية للمتقاضين في الولوج إلى العدالة والمساواة أمام القانون ودرجات التقاضي. هذه الموازنة تتطلب حلاً تشريعياً وعملياً يضمن استمرارية سير المرفق العمومي دون المساس بالضمانات الأساسية للمواطنين.ثانياً: مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23يأتي مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 كأكبر عملية تعديل تطال القانون منذ إقراره سنة 2002، حيث يشمل تعديل أزيد من 420 مادة.24 يهدف هذا المشروع إلى تحقيق إصلاح عميق في العدالة الجنائية بالمغرب.أ. الأهداف والمبادئ الرئيسيةيروم المشروع تحقيق مجموعة من الأهداف الجوهرية 24:تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع: يسعى المشروع إلى تقوية حقوق الدفاع، ومراجعة ضوابط الوضع في الحراسة النظرية، وتكريس مبدأ قرينة البراءة، وعدم اعتبار الصمت اعترافاً ضمنياً.24 كما يهدف إلى ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها.24تحديث آليات العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة: يهدف المشروع إلى تحديث الإجراءات القضائية، وتوسيع مجالات استعمال الوسائل الرقمية في المسطرة الجنائية، وتحسين التعاون القضائي الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود.4حماية الضحايا والأحداث: يتضمن المشروع تدابير حمائية جديدة تراعي المصلحة الفضلى للأطفال، وتعزيز العناية بالضحايا من خلال إشراك مكاتب المساعدة الاجتماعية وتوفير الدعم القانوني والنفسي.24ب. أبرز التعديلات والمقتضيات الجديدةتضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 مستجدات هامة تسعى إلى تحقيق الأهداف المذكورة:تنظيم الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي:تم تقنين وتحديث إجراءات الحراسة النظرية، واعتماد التسجيل السمعي البصري للمشتبه فيه أثناء قراءة تصريحاته وتوقيعه أو رفضه، لضمان الشفافية.4 هذا الإجراء يعزز الشفافية ويحد من أي احتمال للضغط أو الإكراه، مما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.27قُيد تمديد مدة الحراسة النظرية بأمر كتابي معلل صادر عن النيابة العامة بالنسبة لكافة الجرائم، مع عدم احتساب المدة اللازمة لنقل الشخص ضمن مدة الحراسة النظرية.24تم ترشيد قرارات الاعتقال الاحتياطي وتقييدها بضوابط صارمة، وتحديد أسباب ضرورة الاعتقال الاحتياطي بشكل حصري (مثل الخشية من عرقلة سير التحقيق، منع تكرار الجريمة، الحفاظ على الأدلة، حماية المشتبه فيه أو الشهود).24 هذا التوجه يهدف إلى الحد من الاعتقال التعسفي وتعزيز مبدأ الحرية الشخصية.تقليص التحقيق الإعدادي وتوسيع بدائل العدالة الجنائية:شمل المشروع تقليص التحقيق الإعدادي وتوسيع دائرة الجرائم القابلة للصلح وتبسيط إجراءاتها.4 هذا التوجه يهدف إلى تخفيف العبء على القضاء وتسريع البت في القضايا الأقل خطورة.تم تشجيع استخدام بدائل للسجن مثل الإفراج المشروط وبرامج التأهيل.28 كما اعتُمد نظام المراقبة الإلكترونية كبديل للاعتقال داخل المؤسسات السجنية، مع التنصيص على إشراف قاضي التحقيق على التنفيذ.29 هذه البدائل تعكس توجهاً نحو أنسنة العدالة الجنائية والتركيز على إعادة الإدماج بدلاً من العقوبات السالبة للحرية فقط، مما يساهم في حل مشكلة الاكتظاظ في السجون.تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية: وضع المشروع آليات لضمان المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية ووضع آليات للوقاية من التعذيب.24الرقمنة في الإجراءات الجنائية: نص المشروع على توسيع مجالات استعمال الوسائل الرقمية في المسطرة الجنائية، بما في ذلك استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في إجراءات التحقيق والبحث والمحاكمة.28مكافحة جرائم المال العام: يهدف المشروع إلى إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية ببعض محاكم الاستئناف، للنظر في الجنايات المتعلقة بالرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ والغدر.31 كما أثارت التعديلات المقترحة للمادة 3 من قانون المسطرة الجنائية نقاشاً واسعاً بشأن المقاربة الجديدة في التعامل مع الجرائم الماسة بالمال العام.28ج. الوضع التشريعي الحاليمر مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 بمراحل تشريعية مهمة:صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب على المشروع بتاريخ 13 مايو 2025.3ورد على مجلس المستشارين من مجلس النواب بتاريخ 21 مايو 2025.32أُحيل إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين في 26 مايو 2025.32قدم وزير العدل المشروع أمام البرلمان في 22 يناير 2025، مؤكداً أنه يمثل انطلاقة جديدة نحو عدالة أكثر شمولاً وفعالية.4يُعد هذا المشروع أكبر عملية تعديل تطال قانون المسطرة الجنائية منذ إقراره سنة 2002.24 إن مساره التشريعي يعكس الأهمية التي توليها المملكة لتحديث إطارها القانوني الجنائي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات المعاصرة في مكافحة الجريمة وحماية حقوق الإنسان.د. آراء وتحليلات حول المشروعحظي مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 بآراء متباينة من قبل الخبراء والفاعلين في المجال القانوني:الملاحظات والانتقادات:محدودية تدابير دعم وتعويض الضحايا: رغم أن المشروع يركز على العناية بالضحايا وحمايتهم، إلا أن هناك ملاحظات حول محدودية تدابير الدعم والتعويض المخصصة لهم.28هيمنة السلطة التنفيذية: أشار بعض الخبراء إلى أن المشروع قد يؤدي إلى نوع من هيمنة السلطة التنفيذية على مجال القانون، مما قد يقلل من البعد البرلماني في صناعة التشريع.33تحديات الرقمنة: رغم طموح المشروع في اعتماد الرقمنة في مختلف الإجراءات القضائية، إلا أن هناك مخاوف من أن بعض المقتضيات قد لا تنسجم تماماً مع هذا التوجه، مما قد يؤثر على تحقيق الفعالية المرجوة.28الحق في الصمت: يرى البعض ضرورة تضمين الحق في الصمت بشكل صريح وواسع في ديباجة القانون، ليشمل جميع مراحل المسطرة الجنائية، وليس فقط مرحلة الحراسة النظرية.33حقوق الدفاع: لا تزال هناك مقتضيات قد تحول دون ممارسة حقوق الدفاع في حدها الأدنى، مما يثير تساؤلات حول مدى الكلفة الحقوقية أو السياسية أو المالية لذلك.33التحديات المتوقعة للتطبيق:تزايد الجريمة: يواجه النظام القضائي تحدياً كبيراً يتمثل في المنحى التصاعدي للجريمة كماً وكيفاً، مما أدى إلى تضخم ملحوظ في القضايا الزجرية.28الحاجة لكوادر مؤهلة: يتطلب تطبيق المشروع توفير إمكانيات بشرية ومادية ضخمة، بالإضافة إلى كوادر مؤهلة لدعم التحول الرقمي والتعامل مع التكنولوجيا الجديدة.3مقاومة الفساد: يُهدد القانون مصالح شبكات اقتصادية وسياسية متربعة على السلطة منذ عقود، خاصةً في ظل تشابك الثروة مع النفوذ، مما يشكل تحدياً كبيراً لتطبيقه.34إن التوازن بين مكافحة الجريمة واحترام حقوق وحريات الأفراد هو المفصل الأساسي في بناء أي قاعدة إجرائية جنائية في التشريعات المعاصرة.3 تحقيق هذا التوازن يتطلب ليس فقط نصوصاً قانونية متقدمة، بل أيضاً إرادة سياسية قوية، وتوفير الموارد اللازمة، وتدريب الكوادر، وتعزيز الشفافية والمراقبة.ثالثاً: الأهداف العامة لإصلاح قانون المسطرة وتأثيرها على المنظومة القضائيةتتقاطع أهداف إصلاح قانوني المسطرة المدنية والجنائية في رؤية شاملة لتحديث المنظومة القضائية المغربية، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان.أ. تحقيق العدالة الناجزة وتقليص زمن التقاضييُعد تحقيق العدالة الناجزة وتقليص زمن التقاضي هدفاً مشتركاً وأساسياً لكلا مشروعي القانونين.1 يسعى القانون المدني إلى تبسيط الإجراءات وتقليص مجال الطعون، بينما يهدف القانون الجنائي إلى تسريع التحقيقات وتوسيع بدائل الاعتقال.4 هذا التوجه يعكس إدراكاً بأن العدالة المتأخرة هي إنكار للعدالة، وأن السرعة في البت في القضايا تساهم في تعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي.1ب. تعزيز الشفافية وتحسين الوصول إلى العدالةتولي الإصلاحات أهمية بالغة لتعزيز الشفافية في الإجراءات القضائية وتحسين وصول المواطنين إلى العدالة.1 فمن خلال الرقمنة واعتماد التقنيات الحديثة، ستصبح العمليات القضائية أكثر وضوحاً ويسراً.1 كما أن تبسيط الإجراءات وتوحيد الاختصاصات يهدف إلى تقليل العوائق التي قد تواجه الأفراد عند اللجوء إلى القضاء.2ج. مواكبة التطورات الرقمية والمعايير الدولية لحقوق الإنسانتجسد مشاريع القوانين التزام المغرب بمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، من خلال إدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية.1 هذا التحول الرقمي يهدف إلى تحسين أداء المحاكم ورفع نجاعتها.1 في الوقت نفسه، تسعى الإصلاحات إلى ملاءمة التشريع الوطني مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بضمانات المحاكمة العادلة، وحماية حقوق الدفاع، وترشيد الاعتقال الاحتياطي.24د. التحديات المشتركة لتطبيق الإصلاحاترغم الأهداف الطموحة، تواجه عملية تطبيق هذه الإصلاحات تحديات مشتركة:الكوادر البشرية والبنية التحتية: يتطلب التحول الرقمي وتطبيق المقتضيات الجديدة توفير كوادر بشرية مؤهلة ومدربة، بالإضافة إلى بنية تحتية رقمية قوية وموثوقة.1مقاومة التغيير والفساد: قد يواجه تطبيق القوانين الجديدة مقاومة من بعض الجهات المستفيدة من الوضع القائم، خاصة في سياق مكافحة الفساد وتحديات الربط بين المال والسلطة.34الموازنة بين السرعة والضمانات: يظل التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين تسريع البت في القضايا وضمان عدم المساس بحقوق الدفاع ومبادئ المحاكمة العادلة، خاصة فيما يتعلق بالقيود على طرق الطعن.8خاتمة وتوصياتيمثل مشروعا قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 وقانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 نقلة نوعية في مسيرة إصلاح القضاء المغربي، وخطوة مهمة نحو تحديث المنظومة القضائية وتعزيز فعاليتها. تهدف هذه المستجدات إلى تحقيق العدالة الناجزة، تبسيط الإجراءات، تعزيز الشفافية، ومواكبة التطورات الرقمية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.أبرز المستجدات والتأثيرات المحتملة:في المسطرة المدنية: تم التركيز على الرقمنة وتبسيط إجراءات التبليغ، وتعديل الاختصاصات القضائية لتوحيد القضاء، وتقليص مجال الطعون لتقليل الاكتظاظ القضائي، مع تعزيز دور النيابة العامة في الدعوى المدنية وإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ.1 هذه التغييرات، وإن كانت تهدف إلى الكفاءة، فقد أثارت مخاوف بشأن المساواة في الوصول إلى العدالة وحق التقاضي على درجتين.8في المسطرة الجنائية: تضمنت التعديلات تعزيزاً لضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع، وترشيداً للاعتقال الاحتياطي من خلال التسجيل السمعي البصري وتقييد مدد الحراسة النظرية.24 كما تم التركيز على بدائل العقوبات السالبة للحرية وتوسيع مجالات الصلح، مما يعكس توجهاً نحو أنسنة العدالة الجنائية.28تقييم شامل لاتجاه الإصلاح:يُظهر الإصلاح توجهاً واضحاً نحو قضاء أكثر سرعة وشفافية، يواكب التطورات التكنولوجية ويستجيب لمتطلبات مكافحة الجريمة الحديثة. ومع ذلك، فإن التحديات المتعلقة بتطبيق هذه القوانين، لا سيما فيما يخص توفير الكوادر والبنية التحتية، وضمان التوازن بين النجاعة القضائية وحماية الحقوق الأساسية، تتطلب اهتماماً مستمراً.توصيات لضمان التطبيق الفعال وتحقيق الأهداف المنشودة:الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتكوين الكوادر: يجب تسريع وتيرة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية للمحاكم وتوفير التجهيزات التقنية اللازمة، بالتوازي مع برامج تكوين مكثفة ومستمرة للقضاة، المحامين، وموظفي العدل للتعامل الفعال مع التقنيات الجديدة.1معالجة الملاحظات حول حقوق المتقاضين: يتوجب على المشرع والجهات المعنية إعادة النظر في المقتضيات التي أثارت جدلاً حول مساسها بمبدأ المساواة والحق في التقاضي على درجتين، لا سيما القيود المالية على الطعون، والبحث عن حلول بديلة تضمن فعالية العدالة دون المساس بحقوق الفئات الهشة.8تعزيز آليات المراقبة والتقييم: يجب وضع آليات فعالة لمراقبة وتقييم تطبيق القوانين الجديدة، لضمان التزامها الكامل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولرصد أي اختلالات قد تظهر في الممارسة القضائية وتصحيحها في الوقت المناسب.27دعم بدائل العدالة الجنائية: يتطلب توسيع نطاق بدائل العقوبات السجنية (مثل المراقبة الإلكترونية والصلح) وضع إطار تنظيمي محكم وآليات دعم فعالة لضمان نجاحها وتحقيق أهدافها في إعادة الإدماج وتقليل الاكتظاظ.28مكافحة الفساد وتعزيز استقلال القضاء: لضمان التطبيق الأمثل لهذه الإصلاحات، يجب مواصلة جهود مكافحة الفساد وتعزيز استقلال السلطة القضائية، لضمان عدم تأثر القرارات القضائية بأي نفوذ خارجي.34إن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الإصلاحات التشريعية يتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين في منظومة العدالة، من أجل بناء قضاء قوي، مستقل، فعال، وشفاف، يضمن حماية الحقوق والحريات ويعزز ثقة المواطنين في العدالة.
قانون المسطرة في المغرب: تحليل شامل لمشروعي القانون رقم 02.23 و 03.23 وتأثيراتهمامقدمةيأتي إصلاح منظومة العدالة في المملكة المغربية كورش ملكي طموح يهدف إلى تحديث القضاء وتعزيز فعاليته ونجاعته، تماشياً مع التوجيهات السامية ومقتضيات الدستور.1 يشكل قانونا المسطرة المدنية والجنائية حجر الزاوية في هذا الإصلاح، نظراً لدورهما المحوري في تنظيم الإجراءات القضائية وضمان حقوق المتقاضين، وهما يمثلان الأدوات الإجرائية التي تحول القانون الموضوعي من دائرة السكون إلى الحركة.3إن هذه التعديلات التشريعية ليست مجرد تحديثات جزئية، بل هي جزء من مبادرة استراتيجية شاملة تهدف إلى تحديث الإطار القضائي بأكمله.1 يبرز هذا التوجه الشامل ضرورة معالجة أوجه القصور القائمة في النظام القضائي، مثل التأخيرات في المحاكم، وضمان وصول أسرع وأكثر فعالية للعدالة للمواطنين.1 يعكس هذا الإصلاح إدراكاً بأن نجاح التغييرات في القوانين الإجرائية يتوقف بشكل كبير على التزامن مع إصلاحات أخرى في التنظيم القضائي، وتكوين الكوادر البشرية، وتطوير البنية التحتية، مما يؤكد على أن التأثير سيكون محسوساً في جميع جوانب النظام القضائي.يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل شامل للمستجدات التشريعية الأخيرة في مشروعي قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 وقانون المسطرة الجنائية رقم 03.23، مع التركيز على أهدافهما، أبرز التعديلات، الوضع التشريعي الراهن، والآراء والتحليلات النقدية حولهما، بالإضافة إلى التحديات المتوقعة لتطبيقهما.أولاً: مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23يشكل مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 نقلة نوعية في مسار تحديث العدالة المدنية بالمغرب، وقد أُعِدَّ بمبادرة من وزارة العدل بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية.أ. الأهداف والمبادئ الرئيسيةيهدف هذا المشروع إلى تحقيق العدالة الناجزة من خلال تعزيز الفعالية القضائية وتسريع زمن التقاضي.1 يتضمن القانون الجديد تعديلات جوهرية تركز على الحد من التأخيرات في المحاكم وتبسيط الإجراءات لضمان حصول المواطنين على حقوقهم في الوقت المناسب وبأقل عناء.1 كما يسعى المشروع إلى التصدي للدعاوى الكيدية، وذلك بفرض غرامات مدنية على المتقاضين بسوء نية.2علاوة على ذلك، يهدف المشروع إلى مواكبة التطورات الرقمية من خلال تحويل النظام القضائي إلى "محكمة إلكترونية".1 هذا التحول الرقمي ليس مجرد تحديث تقني، بل هو أداة استراتيجية لتعزيز الشفافية والسرعة في المعاملات القضائية.1 إن الربط بين الرقمنة وتحقيق العدالة السريعة يوضح أن التكنولوجيا تُعتبر وسيلة أساسية لتحقيق الأهداف الإصلاحية، مما يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية الرقمية وتدريب الكوادر البشرية لضمان سلاسة وفعالية الإجراءات.ب. أبرز التعديلات والمقتضيات الجديدةتضمن مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 العديد من المستجدات الهامة التي تعكس التوجه العام نحو تحديث المنظومة القضائية:الرقمنة والتقاضي الإلكتروني: نص المشروع على إحداث منصة إلكترونية للتقاضي عن بعد، واعتماد عنوان البطاقة الوطنية في الإجراءات القضائية لضمان التبليغ الفعال.6 يهدف هذا الإجراء إلى تقنين التقاضي الرقمي بشكل ممنهج ومتدرج.7تعديلات الاختصاص القضائي:تم دمج المقتضيات المتعلقة بقضاء القرب والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية في صلب قانون المسطرة المدنية الموحد، بدلاً من بقائها متفرقة في نصوص خاصة.2 هذا الدمج يعكس توجهاً نحو توحيد القضاء وتبسيط توزيع القضايا، مما يقلل من النزاعات حول الاختصاص ويجعل العملية القضائية أكثر وضوحاً للمتقاضين.أُسند الاختصاص للمحاكم الابتدائية للنظر في القضايا المدنية والاجتماعية وقضايا الأسرة وقضاء القرب والقضايا الإدارية والتجارية المنوطة بالأقسام المتخصصة بها، وفي جميع القضايا التي تسند إليها بمقتضى نص خاص.2أُسند الاختصاص للمحاكم الابتدائية التي لا تتضمن أقساماً متخصصة في القضاء التجاري، مع حفظ حق الاستئناف في القضايا التجارية التي لا تتجاوز قيمتها 100,000 درهم.2تم رفع قيمة الاختصاص الانتهائي للمحاكم الابتدائية إلى 30,000 درهم (بعد أن كانت الصيغة الأصلية تقترح 40,000 درهم)، وتحديد اختصاص قضاء القرب في حدود 10,000 درهم (عوض 5,000 درهم).7تأثير على طرق الطعن:شمل المشروع تقليص مجال الحق في الطعن في الأحكام بهدف تخفيف عدد القضايا المعروضة أمام القضاء ومواجهة مشكل الخصاص في الموارد البشرية.8تم تخفيض مبلغ القضايا التي لا تقبل الاستئناف من 40,000 إلى 10,000 درهم.9كما تم تقليص مجال الطعن بالنقض في القرارات الصادرة في الطلبات التي تقل قيمتها عن 80,000 درهم (بعد أن كان المشروع في صيغته الأصلية يحدد هذا المبلغ في 100,000 درهم، والقانون الجاري به العمل لا يجيز الطعن في القرارات التي لا تتجاوز 20,000 درهم).7ألغيت الغرف الاستئنافية بالمحاكم الابتدائية تبعا لقانون التنظيم القضائي.2اعتبر الطعن بالنقض بمثابة تنازل عن الطعن بالتعرض.7منحت محكمة النقض إمكانية البت في القضية متى كان الطعن بالنقض قد وقع للمرة الثانية وتوفرت المحكمة على جميع العناصر الواقعية.2أصبح بإمكان محكمة الدرجة الثانية أن تتصدى للبت في جوهر القضية إذا أبطلت أو ألغت الحكم المطعون فيه، في جميع الأحوال، حتى ولو لم تكن القضية جاهزة.2دور النيابة العامة في الدعوى المدنية: أعاد المشروع تنظيم مجال تدخل النيابة العامة في الدعوى المدنية باعتبارها وكيلة المجتمع، حيث أجاز لها، سواء كانت طرفاً في الدعوى أم لا، حق الطعن من أجل التصريح ببطلان الحكم المخالف للنظام العام دون التقييد بآجال الطعن.12 هذا التعديل يعكس نقل اختصاصات من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة.2إلغاء مؤسسة القيم ومسطرة البريد المضمون: تم إلغاء مسطرتي القيم والبريد المضمون، واعتماد عنوان البطاقة الوطنية للطرف المراد تبليغه في حالة رجوع طي التبليغ بأي ملاحظة، مما يهدف إلى تبسيط إجراءات التبليغ.9إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ: نص المشروع على إحداث مؤسسة جديدة لقاضي التنفيذ، وتحديد اختصاصاته والمسطرة المتبعة أمامه، بالإضافة إلى القواعد العامة للتنفيذ الجبري.2حماية حقوق المتقاضين: نص المشروع على إمكانية التصريح بعدم قبول الدعوى في حالة انعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إذا كان ضرورياً، مع إلزام المحكمة بإنذار الطرف المعني بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده.2 كما تم فرض غرامة مدنية تتراوح بين 10,000 و 20,000 درهم لفائدة الخزينة على كل من يتقاضى بسوء نية، بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر.2التشجيع على التحكيم والوساطة: يهدف المشروع إلى التشجيع على حل النزاعات بالطرق البديلة كالتحكيم والوساطة كوسيلة لتخفيف العبء على المحاكم.15ج. الوضع التشريعي الحاليمر مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 بمراحل تشريعية متعددة:صادق مجلس الحكومة على المشروع في 28 أغسطس 2023.6أُحيل على مجلس النواب في 09 نوفمبر 2023، ثم على لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في 13 نوفمبر 2023.17صادق مجلس النواب على المشروع بالأغلبية (104 نواب موافقين، 35 معارضاً) في جلسة عامة بتاريخ 23 يوليو 2024.10ورد على مجلس المستشارين بتاريخ 24 يوليو 2024، وأُحيل إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في 25 يوليو 2024.20صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب على القانون في قراءة ثانية بتاريخ 3 يونيو 2025.21أنهى مجلس المستشارين دراسة المشروع والتصويت عليه في 27 مايو 2025.9يُلاحظ أن المشروع خضع لتعديلات جوهرية خلال مساره التشريعي، حيث قُبل 256 تعديلاً كلياً و65 تعديلاً جزئياً.12 هذا التفاعل الكبير مع مقتضياته يعكس دينامية العملية التشريعية واستجابة الحكومة للملاحظات المثارة من قبل أعضاء البرلمان والجهات المعنية، بما في ذلك احتجاجات المحامين ودفاعهم عن حقوق المواطنين.9 هذا التعديل المستمر للنص القانوني يشير إلى أن النسخة النهائية المعتمدة قد تختلف بشكل كبير عن المسودة الأولية، مما يعكس عملية تشاركية تهدف إلى تحسين جودة النص القانوني.د. آراء وتحليلات حول المشروعأثار مشروع قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 جدلاً واسعاً بين مختلف المتدخلين في المجال القانوني، بين مؤيد ومعارض لمقتضياته.الملاحظات والانتقادات:مساس بمبدأ المساواة والحق في التقاضي على درجتين: انتقدت أحزاب المعارضة وخبراء قانونيون القيود المالية المفروضة على الطعون (الاستئناف والنقض).8 اعتبرت هذه القيود تمييزاً يحرم المتقاضين ذوي القضايا ذات المبالغ المنخفضة من حقهم في الطعن، وتتناقض بشكل صريح وواضح مع مبدأ المساواة في الولوج إلى المرافق العمومية ومجانية التقاضي المنصوص عليها في الدستور.10 يرى البعض أن هذا التقييد يهدف إلى تقليص عدد الملفات لتغطية النقص في الموارد البشرية، على حساب حقوق المتقاضين.10إلزامية المحامي: أثارت محاولة فرض إلزامية المحامي في التقاضي جدلاً واسعاً.23 اعتبرها البعض مساساً بحق المواطن في الترافع عن نفسه وحقوق الدفاع، ودعوا إلى جعلها اختيارية، مؤكدين أن إلزامية المحامي غير دستورية وتصادر حقوق الناس في التقاضي.5تأثير على الاجتهاد القضائي: هناك ادعاءات بأن إلغاء قانون المسطرة المدنية الجاري به العمل سيجهز على ما يزيد عن نصف قرن من الاجتهاد القضائي واستقرار العمل القضائي.23غياب حلول ناجعة للتبليغ والتنفيذ: رغم المستجدات، لا تزال هناك انتقادات حول عدم تقديم المشروع لحلول كافية لإشكاليات التبليغ والتنفيذ، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام ضد الدولة والجماعات الترابية التي لا تخضع أموالها وممتلكاتها للحجز لهذه الغاية.14التحديات المتوقعة للتطبيق:توفير الكوادر البشرية المؤهلة: يتطلب التحول الرقمي والتعامل مع التكنولوجيا الجديدة توفير كوادر قضائية وإدارية مؤهلة ومدربة بشكل كافٍ.1البنية التحتية الرقمية: يحتاج النظام القضائي إلى تجهيزات تقنية وبنية تحتية رقمية قوية وموثوقة لضمان سلاسة وفعالية الإجراءات.1تعقيدات القضايا: بعض القضايا المعقدة قد تتطلب وقتاً أطول للبت، مما قد يؤدي إلى استمرار بعض التأخيرات رغم جهود التسريع.1إن التحدي الأبرز يكمن في الموازنة بين هدف تسريع زمن التقاضي وتخفيف العبء على المحاكم، وبين ضمان الحقوق الدستورية للمتقاضين في الولوج إلى العدالة والمساواة أمام القانون ودرجات التقاضي. هذه الموازنة تتطلب حلاً تشريعياً وعملياً يضمن استمرارية سير المرفق العمومي دون المساس بالضمانات الأساسية للمواطنين.ثانياً: مستجدات مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23يأتي مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 كأكبر عملية تعديل تطال القانون منذ إقراره سنة 2002، حيث يشمل تعديل أزيد من 420 مادة.24 يهدف هذا المشروع إلى تحقيق إصلاح عميق في العدالة الجنائية بالمغرب.أ. الأهداف والمبادئ الرئيسيةيروم المشروع تحقيق مجموعة من الأهداف الجوهرية 24:تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع: يسعى المشروع إلى تقوية حقوق الدفاع، ومراجعة ضوابط الوضع في الحراسة النظرية، وتكريس مبدأ قرينة البراءة، وعدم اعتبار الصمت اعترافاً ضمنياً.24 كما يهدف إلى ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها.24تحديث آليات العدالة الجنائية ومكافحة الجريمة: يهدف المشروع إلى تحديث الإجراءات القضائية، وتوسيع مجالات استعمال الوسائل الرقمية في المسطرة الجنائية، وتحسين التعاون القضائي الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود.4حماية الضحايا والأحداث: يتضمن المشروع تدابير حمائية جديدة تراعي المصلحة الفضلى للأطفال، وتعزيز العناية بالضحايا من خلال إشراك مكاتب المساعدة الاجتماعية وتوفير الدعم القانوني والنفسي.24ب. أبرز التعديلات والمقتضيات الجديدةتضمن مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 مستجدات هامة تسعى إلى تحقيق الأهداف المذكورة:تنظيم الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي:تم تقنين وتحديث إجراءات الحراسة النظرية، واعتماد التسجيل السمعي البصري للمشتبه فيه أثناء قراءة تصريحاته وتوقيعه أو رفضه، لضمان الشفافية.4 هذا الإجراء يعزز الشفافية ويحد من أي احتمال للضغط أو الإكراه، مما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.27قُيد تمديد مدة الحراسة النظرية بأمر كتابي معلل صادر عن النيابة العامة بالنسبة لكافة الجرائم، مع عدم احتساب المدة اللازمة لنقل الشخص ضمن مدة الحراسة النظرية.24تم ترشيد قرارات الاعتقال الاحتياطي وتقييدها بضوابط صارمة، وتحديد أسباب ضرورة الاعتقال الاحتياطي بشكل حصري (مثل الخشية من عرقلة سير التحقيق، منع تكرار الجريمة، الحفاظ على الأدلة، حماية المشتبه فيه أو الشهود).24 هذا التوجه يهدف إلى الحد من الاعتقال التعسفي وتعزيز مبدأ الحرية الشخصية.تقليص التحقيق الإعدادي وتوسيع بدائل العدالة الجنائية:شمل المشروع تقليص التحقيق الإعدادي وتوسيع دائرة الجرائم القابلة للصلح وتبسيط إجراءاتها.4 هذا التوجه يهدف إلى تخفيف العبء على القضاء وتسريع البت في القضايا الأقل خطورة.تم تشجيع استخدام بدائل للسجن مثل الإفراج المشروط وبرامج التأهيل.28 كما اعتُمد نظام المراقبة الإلكترونية كبديل للاعتقال داخل المؤسسات السجنية، مع التنصيص على إشراف قاضي التحقيق على التنفيذ.29 هذه البدائل تعكس توجهاً نحو أنسنة العدالة الجنائية والتركيز على إعادة الإدماج بدلاً من العقوبات السالبة للحرية فقط، مما يساهم في حل مشكلة الاكتظاظ في السجون.تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية: وضع المشروع آليات لضمان المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية ووضع آليات للوقاية من التعذيب.24الرقمنة في الإجراءات الجنائية: نص المشروع على توسيع مجالات استعمال الوسائل الرقمية في المسطرة الجنائية، بما في ذلك استعمال تقنيات الاتصال عن بعد في إجراءات التحقيق والبحث والمحاكمة.28مكافحة جرائم المال العام: يهدف المشروع إلى إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية ببعض محاكم الاستئناف، للنظر في الجنايات المتعلقة بالرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ والغدر.31 كما أثارت التعديلات المقترحة للمادة 3 من قانون المسطرة الجنائية نقاشاً واسعاً بشأن المقاربة الجديدة في التعامل مع الجرائم الماسة بالمال العام.28ج. الوضع التشريعي الحاليمر مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 بمراحل تشريعية مهمة:صادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان والحريات بمجلس النواب على المشروع بتاريخ 13 مايو 2025.3ورد على مجلس المستشارين من مجلس النواب بتاريخ 21 مايو 2025.32أُحيل إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين في 26 مايو 2025.32قدم وزير العدل المشروع أمام البرلمان في 22 يناير 2025، مؤكداً أنه يمثل انطلاقة جديدة نحو عدالة أكثر شمولاً وفعالية.4يُعد هذا المشروع أكبر عملية تعديل تطال قانون المسطرة الجنائية منذ إقراره سنة 2002.24 إن مساره التشريعي يعكس الأهمية التي توليها المملكة لتحديث إطارها القانوني الجنائي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات المعاصرة في مكافحة الجريمة وحماية حقوق الإنسان.د. آراء وتحليلات حول المشروعحظي مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 بآراء متباينة من قبل الخبراء والفاعلين في المجال القانوني:الملاحظات والانتقادات:محدودية تدابير دعم وتعويض الضحايا: رغم أن المشروع يركز على العناية بالضحايا وحمايتهم، إلا أن هناك ملاحظات حول محدودية تدابير الدعم والتعويض المخصصة لهم.28هيمنة السلطة التنفيذية: أشار بعض الخبراء إلى أن المشروع قد يؤدي إلى نوع من هيمنة السلطة التنفيذية على مجال القانون، مما قد يقلل من البعد البرلماني في صناعة التشريع.33تحديات الرقمنة: رغم طموح المشروع في اعتماد الرقمنة في مختلف الإجراءات القضائية، إلا أن هناك مخاوف من أن بعض المقتضيات قد لا تنسجم تماماً مع هذا التوجه، مما قد يؤثر على تحقيق الفعالية المرجوة.28الحق في الصمت: يرى البعض ضرورة تضمين الحق في الصمت بشكل صريح وواسع في ديباجة القانون، ليشمل جميع مراحل المسطرة الجنائية، وليس فقط مرحلة الحراسة النظرية.33حقوق الدفاع: لا تزال هناك مقتضيات قد تحول دون ممارسة حقوق الدفاع في حدها الأدنى، مما يثير تساؤلات حول مدى الكلفة الحقوقية أو السياسية أو المالية لذلك.33التحديات المتوقعة للتطبيق:تزايد الجريمة: يواجه النظام القضائي تحدياً كبيراً يتمثل في المنحى التصاعدي للجريمة كماً وكيفاً، مما أدى إلى تضخم ملحوظ في القضايا الزجرية.28الحاجة لكوادر مؤهلة: يتطلب تطبيق المشروع توفير إمكانيات بشرية ومادية ضخمة، بالإضافة إلى كوادر مؤهلة لدعم التحول الرقمي والتعامل مع التكنولوجيا الجديدة.3مقاومة الفساد: يُهدد القانون مصالح شبكات اقتصادية وسياسية متربعة على السلطة منذ عقود، خاصةً في ظل تشابك الثروة مع النفوذ، مما يشكل تحدياً كبيراً لتطبيقه.34إن التوازن بين مكافحة الجريمة واحترام حقوق وحريات الأفراد هو المفصل الأساسي في بناء أي قاعدة إجرائية جنائية في التشريعات المعاصرة.3 تحقيق هذا التوازن يتطلب ليس فقط نصوصاً قانونية متقدمة، بل أيضاً إرادة سياسية قوية، وتوفير الموارد اللازمة، وتدريب الكوادر، وتعزيز الشفافية والمراقبة.ثالثاً: الأهداف العامة لإصلاح قانون المسطرة وتأثيرها على المنظومة القضائيةتتقاطع أهداف إصلاح قانوني المسطرة المدنية والجنائية في رؤية شاملة لتحديث المنظومة القضائية المغربية، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان.أ. تحقيق العدالة الناجزة وتقليص زمن التقاضييُعد تحقيق العدالة الناجزة وتقليص زمن التقاضي هدفاً مشتركاً وأساسياً لكلا مشروعي القانونين.1 يسعى القانون المدني إلى تبسيط الإجراءات وتقليص مجال الطعون، بينما يهدف القانون الجنائي إلى تسريع التحقيقات وتوسيع بدائل الاعتقال.4 هذا التوجه يعكس إدراكاً بأن العدالة المتأخرة هي إنكار للعدالة، وأن السرعة في البت في القضايا تساهم في تعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي.1ب. تعزيز الشفافية وتحسين الوصول إلى العدالةتولي الإصلاحات أهمية بالغة لتعزيز الشفافية في الإجراءات القضائية وتحسين وصول المواطنين إلى العدالة.1 فمن خلال الرقمنة واعتماد التقنيات الحديثة، ستصبح العمليات القضائية أكثر وضوحاً ويسراً.1 كما أن تبسيط الإجراءات وتوحيد الاختصاصات يهدف إلى تقليل العوائق التي قد تواجه الأفراد عند اللجوء إلى القضاء.2ج. مواكبة التطورات الرقمية والمعايير الدولية لحقوق الإنسانتجسد مشاريع القوانين التزام المغرب بمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، من خلال إدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية.1 هذا التحول الرقمي يهدف إلى تحسين أداء المحاكم ورفع نجاعتها.1 في الوقت نفسه، تسعى الإصلاحات إلى ملاءمة التشريع الوطني مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بضمانات المحاكمة العادلة، وحماية حقوق الدفاع، وترشيد الاعتقال الاحتياطي.24د. التحديات المشتركة لتطبيق الإصلاحاترغم الأهداف الطموحة، تواجه عملية تطبيق هذه الإصلاحات تحديات مشتركة:الكوادر البشرية والبنية التحتية: يتطلب التحول الرقمي وتطبيق المقتضيات الجديدة توفير كوادر بشرية مؤهلة ومدربة، بالإضافة إلى بنية تحتية رقمية قوية وموثوقة.1مقاومة التغيير والفساد: قد يواجه تطبيق القوانين الجديدة مقاومة من بعض الجهات المستفيدة من الوضع القائم، خاصة في سياق مكافحة الفساد وتحديات الربط بين المال والسلطة.34الموازنة بين السرعة والضمانات: يظل التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين تسريع البت في القضايا وضمان عدم المساس بحقوق الدفاع ومبادئ المحاكمة العادلة، خاصة فيما يتعلق بالقيود على طرق الطعن.8خاتمة وتوصياتيمثل مشروعا قانون المسطرة المدنية رقم 02.23 وقانون المسطرة الجنائية رقم 03.23 نقلة نوعية في مسيرة إصلاح القضاء المغربي، وخطوة مهمة نحو تحديث المنظومة القضائية وتعزيز فعاليتها. تهدف هذه المستجدات إلى تحقيق العدالة الناجزة، تبسيط الإجراءات، تعزيز الشفافية، ومواكبة التطورات الرقمية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.أبرز المستجدات والتأثيرات المحتملة:في المسطرة المدنية: تم التركيز على الرقمنة وتبسيط إجراءات التبليغ، وتعديل الاختصاصات القضائية لتوحيد القضاء، وتقليص مجال الطعون لتقليل الاكتظاظ القضائي، مع تعزيز دور النيابة العامة في الدعوى المدنية وإحداث مؤسسة قاضي التنفيذ.1 هذه التغييرات، وإن كانت تهدف إلى الكفاءة، فقد أثارت مخاوف بشأن المساواة في الوصول إلى العدالة وحق التقاضي على درجتين.8في المسطرة الجنائية: تضمنت التعديلات تعزيزاً لضمانات المحاكمة العادلة وحقوق الدفاع، وترشيداً للاعتقال الاحتياطي من خلال التسجيل السمعي البصري وتقييد مدد الحراسة النظرية.24 كما تم التركيز على بدائل العقوبات السالبة للحرية وتوسيع مجالات الصلح، مما يعكس توجهاً نحو أنسنة العدالة الجنائية.28تقييم شامل لاتجاه الإصلاح:يُظهر الإصلاح توجهاً واضحاً نحو قضاء أكثر سرعة وشفافية، يواكب التطورات التكنولوجية ويستجيب لمتطلبات مكافحة الجريمة الحديثة. ومع ذلك، فإن التحديات المتعلقة بتطبيق هذه القوانين، لا سيما فيما يخص توفير الكوادر والبنية التحتية، وضمان التوازن بين النجاعة القضائية وحماية الحقوق الأساسية، تتطلب اهتماماً مستمراً.توصيات لضمان التطبيق الفعال وتحقيق الأهداف المنشودة:الاستثمار في البنية التحتية الرقمية وتكوين الكوادر: يجب تسريع وتيرة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية للمحاكم وتوفير التجهيزات التقنية اللازمة، بالتوازي مع برامج تكوين مكثفة ومستمرة للقضاة، المحامين، وموظفي العدل للتعامل الفعال مع التقنيات الجديدة.1معالجة الملاحظات حول حقوق المتقاضين: يتوجب على المشرع والجهات المعنية إعادة النظر في المقتضيات التي أثارت جدلاً حول مساسها بمبدأ المساواة والحق في التقاضي على درجتين، لا سيما القيود المالية على الطعون، والبحث عن حلول بديلة تضمن فعالية العدالة دون المساس بحقوق الفئات الهشة.8تعزيز آليات المراقبة والتقييم: يجب وضع آليات فعالة لمراقبة وتقييم تطبيق القوانين الجديدة، لضمان التزامها الكامل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولرصد أي اختلالات قد تظهر في الممارسة القضائية وتصحيحها في الوقت المناسب.27دعم بدائل العدالة الجنائية: يتطلب توسيع نطاق بدائل العقوبات السجنية (مثل المراقبة الإلكترونية والصلح) وضع إطار تنظيمي محكم وآليات دعم فعالة لضمان نجاحها وتحقيق أهدافها في إعادة الإدماج وتقليل الاكتظاظ.28مكافحة الفساد وتعزيز استقلال القضاء: لضمان التطبيق الأمثل لهذه الإصلاحات، يجب مواصلة جهود مكافحة الفساد وتعزيز استقلال السلطة القضائية، لضمان عدم تأثر القرارات القضائية بأي نفوذ خارجي.34إن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الإصلاحات التشريعية يتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين في منظومة العدالة، من أجل بناء قضاء قوي، مستقل، فعال، وشفاف، يضمن حماية الحقوق والحريات ويعزز ثقة المواطنين في العدالة.
تعليقات
إرسال تعليق