22C326499282C735955F01BCA5C46E3A التدابير المتكاملة للمغرب في مواجهة الكوارث الطبيعية: استراتيجيات، إنجازات، وتحديات

القائمة الرئيسية

الصفحات

التدابير المتكاملة للمغرب في مواجهة الكوارث الطبيعية: استراتيجيات، إنجازات، وتحديات

 

التدابير المتكاملة للمغرب في مواجهة الكوارث الطبيعية: استراتيجيات، إنجازات، وتحديات

مقدمة: السياق المغربي لمخاطر الكوارث الطبيعية

يواجه المغرب، بحكم موقعه الجغرافي وخصائصه الجيولوجية، تحديات كبيرة ناجمة عن تزايد وتيرة وشدة الكوارث الطبيعية. يُعد المغرب من أكثر البلدان عرضة لهذه الظواهر في المنطقة، بما في ذلك الزلازل والفيضانات والسيول.1 تتسبب هذه الكوارث في خسائر بشرية واقتصادية فادحة، حيث تُقدر التكلفة السنوية للكوارث على المغرب بأكثر من 575 مليون دولار.3 وتُشكل الزلازل وحدها متوسط خسارة سنوية يتجاوز 90 مليون دولار، بينما يمثل التسونامي تهديدًا كبيرًا على السواحل الأطلسية والمتوسطية بمتوسط خسارة سنوية يتجاوز 13 مليون دولار أمريكي.4

تتفاقم هذه المخاطر بفعل تغير المناخ، الذي يُتوقع أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يزيد بدوره من مخاطر الفيضانات الساحلية وتآكل السواحل واندفاع العواصف.4 كما شهدت حوادث الحرائق تصاعدًا ملحوظًا، متسببة في خسائر تقديرية في المنتجات الغابوية بقيمة 18 مليون درهم سنويًا.4

في ظل هذا السياق، شهد المغرب خلال العقدين الماضيين تحولًا استراتيجيًا في مقاربة إدارة الكوارث. فقد قامت الحكومة المغربية بتطوير إطار سياسة تكيف إدارة مخاطر الكوارث المشتركة والقطاعية عبر مختلف القطاعات.4 هذا التطور يعكس إدراكًا متزايدًا بأن مجرد الاستجابة للكوارث بعد وقوعها لم يعد كافيًا أو مستدامًا على المدى الطويل. وبدلًا من ذلك، بادر المغرب إلى إدراج الوقاية من المخاطر ضمن السياسات والاستراتيجيات الوطنية للتنمية، وجعل المسؤولية مشتركة بين الدولة والمواطنين.5 هذا التحول الجوهري يمثل انتقالًا من نموذج يعتمد بشكل كبير على الاستجابة الطارئة إلى نهج متكامل يركز على الوقاية والحد من المخاطر والتأهب، بما يتماشى مع التوجهات العالمية الحديثة في إدارة مخاطر الكوارث، مثل إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث. يهدف هذا النهج الجديد إلى بناء قدرة أكبر على الصمود وتقليل الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية على المدى الطويل.

الإطار القانوني والمؤسسي لتدبير الكوارث

لقد بنى المغرب إطارًا قانونيًا ومؤسسيًا شاملًا ومتكاملًا لتدبير مخاطر الكوارث، يعكس التزامه بالنهج الاستباقي والمنسق.

الاستراتيجية الوطنية لتدبير مخاطر الكوارث (2020-2030)

في فبراير 2021، اعتمدت الحكومة المغربية أول استراتيجية وطنية لإدارة مخاطر الكوارث للفترة 2020-2030، بدعم من مشروع رئيسي للبنك الدولي.3 تتمحور هذه الاستراتيجية حول خمسة محاور استراتيجية و15 برنامجًا، وقد تُرجمت إلى خطة عمل ذات أولوية للفترة 2021-2023 وخطة عمل تنفيذية للفترة 2021-2026، تغطي 18 برنامجًا و57 مشروعًا قيد التنفيذ حاليًا.3

تتمثل الأهداف الاستراتيجية الرئيسية لهذه الخطة في تحسين المعرفة وتقييم المخاطر، وتعزيز الوقاية لبناء القدرة على الصمود، وتحسين التأهب للكوارث الطبيعية من أجل انتعاش سريع وإعادة بناء ناجعة.2

وتستند هذه الاستراتيجية إلى خمسة محاور رئيسية:

  1. تعزيز الحكامة المتعلقة بتدبير المخاطر الطبيعية: يهدف هذا المحور إلى تعزيز التنسيق على المستويين المركزي والترابي، وتحسين نظام التمويل والتدبير المالي.2

  2. تحسين المعرفة وتقييم المخاطر الطبيعية: يسعى هذا المحور إلى إنشاء قاعدة بيانات موثقة ومحدثة لجميع عناصر المخاطر الطبيعية، وتوفير معلومات موثوقة في الوقت الفعلي للفاعلين، وإتقان الجوانب العلمية والتقنية للظواهر الطبيعية لدعم اتخاذ القرار.2

  3. الوقاية من المخاطر الطبيعية وتطوير القدرة على الصمود: يهدف هذا المحور إلى تقليص الهشاشة وتعزيز صمود التراب الوطني ضد المخاطر الطبيعية.2

  4. التأهب للكوارث الطبيعية من أجل انتعاش سريع وإعادة بناء أفضل: يركز هذا المحور على إعداد الإنذار والاستجابة للطوارئ، وضمان انتعاش سريع، ووضع عمليات إعادة بناء وآليات تمويل عادلة وشفافة وفعالة.2

  5. تشجيع البحث العلمي والتعاون الدولي وبناء القدرات في مجال تدبير المخاطر الطبيعية.2

تتضمن الاستراتيجية أيضًا نظامًا متكاملًا للتتبع والتقييم، يُعد مكونًا رئيسيًا لتحقيق رؤيتها من خلال خمسة أهداف: تقديم تقرير مفصل عن التقدم المحرز، ضمان الشفافية، تقييم الأثر، الاستفادة من الخبرة المكتسبة، وتيسير اتخاذ قرارات متبصرة.2

المديرية الجديدة لتدبير مخاطر الكوارث

في عام 2020، أنشأت الحكومة المغربية مديرية جديدة لتدبير مخاطر الكوارث تابعة لوزارة الداخلية.3 وقد تم تحديد مسؤوليات هذه المديرية بوضوح، وزادت قدراتها المؤسسية تدريجيًا، ويعمل بها حاليًا أكثر من 80 موظفًا بدوام كامل.3 هيكلها التنظيمي، الذي تمت الموافقة عليه في أغسطس 2020، ينظم المديرية على أساس خمسة أقسام و16 وحدة.4 كما يجري حاليًا تدعيم مرصد وطني للمخاطر داخل المديرية ويعمل بشكل كامل.3

القانون 110-14 المتعلق بتغطية عواقب الوقائع الكارثية

يُعد القانون رقم 110-14، الذي تم اعتماده في عام 2016 ودخل حيز التنفيذ في بداية عام 2020، ركيزة أساسية في الإطار المالي لتدبير الكوارث.4 يهدف هذا القانون إلى توفير تعويض عن الأضرار البدنية والمادية لجميع الأشخاص الموجودين على التراب الوطني، سواء كانت الأضرار ناتجة عن وقائع كارثية طبيعية (مثل الزلازل والفيضانات وارتفاع منسوب المياه وارتفاع المد البحري) أو بفعل الإنسان (مثل الأفعال الإرهابية والفتن أو الاضطرابات الشعبية).4

يعتمد هذا النظام على شقين رئيسيين:

  1. الشق الأول (التأمين): تديره شركات التأمين ويضمن التغطية للأسر المؤمن عليها والشركات من خلال قسط إضافي، وقد تم تأمين ما لا يقل عن 8.9 مليون شخص في عام 2020.4

  2. الشق الثاني (الإعانات): يتم تدبيره من قبل "صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية"، ويهدف إلى تقديم إعانات للأشخاص الذين لا يملكون أي تغطية تأمينية.7

يتطلب تفعيل النظام إصدار قرار من رئيس الحكومة يعلن فيه الحدث واقعة كارثية، ويحدد مناطقها وتاريخها ومدتها.7 تشمل التعويضات المتاحة الأضرار البدنية (وفق معايير تعويض المصابين في حوادث السير) وللسكن الرئيسي المتضرر، حيث يتم احتساب التعويض بناءً على قيمة الأضرار، وتكلفة إعادة البناء، وحد أدنى يناهز 250 ألف درهم، مع اعتماد أقل هذه القيم واحتساب 70% منها. بالإضافة إلى ذلك، يوجد تعويض عن فقدان الانتفاع بالمسكن الرئيسي يُحدد بستة أضعاف القيمة الإيجارية الشهرية.7

فيما يتعلق بالمخصصات المالية وسقف التعويض، خصص قانون المالية لعام 2020 حوالي 300 مليون درهم، بالإضافة إلى إيرادات من الضريبة شبه المالية المطبقة على أقساط التأمين التي بلغت 234 مليون درهم.7 كما وقع المغرب والبنك الدولي اتفاقية قرض بقيمة 275 مليون دولار (ما يعادل 2.8 مليار درهم) في يناير 2020، يمكن سحبه في حالات مواجهة المملكة لأحداث كارثية، مما يعزز السيولة المالية الفورية.7 يبلغ سقف التعويض الإجمالي للوقائع الكارثية الطبيعية 3 مليارات درهم لكل واقعة، وبحد أقصى 9 مليارات درهم سنويًا لتغطية 3 كوارث. أما للوقائع الكارثية الناتجة عن فعل الإنسان، فلا يتجاوز السقف 300 مليون درهم لكل واقعة، وبحد أقصى 600 مليون درهم سنويًا لتغطية كارثة واحدة.7

تبدأ مسطرة الحصول على التعويض بتقييد ضحايا الواقعة الكارثية في سجل خاص خلال 90 يومًا من تاريخ نشر القرار الإداري لرئيس الحكومة. ثم يقدم الضحية الملف المطلوب، ويرد الصندوق على الطلب خلال 30 يومًا، ويتم صرف التعويض خلال 30 يومًا بعد توقيع الضحية، مع إمكانية الطعن أمام لجنة تسوية المنازعات في حال رفض الطلب.7

أدوار الهيئات الحكومية والوطنية الأخرى

يتسم الإطار المؤسسي المغربي بتعدد الفاعلين وتكامل أدوارهم:

  • وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية والإصلاح الإداري: هما وكالتا تنفيذ رئيسيتان لبرنامج إدارة مخاطر الكوارث.4

  • المجلس الوطني للبيئة (التابع لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة): يحدد مساعي الحكومة في ميدان البيئة، وينشط ويوجه وينسق كل عمل يتعلق بحماية البيئة، ويضم لجنة متخصصة لحماية الطبيعة والموارد الطبيعية والوقاية من الكوارث الطبيعية.8

  • مؤسسة محمد الخامس للتضامن: تأسست عام 1999، وتسعى لتخفيف معاناة الطبقة المعوزة وذوي الاحتياجات الخاصة وضحايا الكوارث الطبيعية، وتساهم في تقديم المساعدات الاستعجالية.10

  • المديرية العامة للوقاية المدنية: يمتد دورها ليشمل إطفاء الحرائق، إنقاذ المصابين، البحث والإسعاف، الوقاية، إغاثة الدول واللاجئين، مواجهة الكوارث، ومساندة القطاعات الأمنية والعسكرية.11

  • وكالات الأحواض المائية: تضطلع بصلاحيات تنظيمية ورقابية في التنفيذ الترابي للاستراتيجيات والمخططات، وتشارك في دراسات تحديد وتدبير المخاطر الطبيعية.12

  • الوكالات الحضرية (مثل وكالة الدار البيضاء): تهدف إلى تطوير نهج استباقي عبر اليقظة المؤسساتية ووضع خطط للطوارئ لمواجهة آثار الكوارث الطبيعية، وتساهم في دراسات تحديد وتدبير المخاطر الطبيعية.14 وتخضع هذه الوكالات لإشراف وزير الداخلية.14

  • صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية (FLCN): تم إعادة تصميمه وتحويله من أداة للاستجابة في حالات الطوارئ إلى صندوق وطني لتعزيز القدرة على الصمود، ويدعم تمويل استثمارات الحد من المخاطر والتأهب على المستوى المحلي.3

إن وجود هذه المجموعة المتنوعة من القوانين والاستراتيجيات والكيانات، من المديرية المتخصصة إلى القانون المالي الشامل، يشير إلى نهج منهجي ومتكامل لإدارة الكوارث. إن مشاركة العديد من الوزارات والوكالات يؤكد على التنسيق الأفقي والرأسي المطلوب لمواجهة تعقيدات مخاطر الكوارث. هذا النهج المتكامل يعكس إدراكًا بأن مخاطر الكوارث تتطلب جهودًا منسقة عبر مختلف مستويات الحكومة والقطاعات، متجاوزة الاستجابة التقليدية للطوارئ لتشمل الوقاية والتأهب والمرونة المالية.

علاوة على ذلك، فإن القانون 110-14 لا يمثل مجرد آلية للتعويض، بل هو آلية استعداد مالي استراتيجية. من خلال إلزام التأمين للمؤمن عليهم وتوفير صندوق تضامن لغير المؤمن عليهم، يسعى المغرب إلى توزيع العبء المالي للكوارث، مما يقلل الاعتماد على المساعدات المخصصة بعد الكارثة. إن الإشارة إلى القروض من البنك الدولي المخصصة للاستجابة للكوارث تعزز هذا النهج المالي الاستباقي. تهدف هذه الآلية المالية إلى تقليل الأثر الاجتماعي والاقتصادي للكوارث، وتسريع التعافي، وتوفير شبكة أمان للفئات الضعيفة، وبالتالي تعزيز المرونة الوطنية الشاملة، مما يدل على تحول نحو آليات نقل المخاطر.

الجدول 1: الهيئات الرئيسية المعنية بإدارة الكوارث في المغرب وأدوارها

الهيئة

الوزارة التابعة/الجهة المشرفة

الدور الرئيسي في إدارة الكوارث

أمثلة على الأنشطة/البرامج

المديرية الجديدة لتدبير مخاطر الكوارث

وزارة الداخلية

التنسيق المركزي لإدارة المخاطر، تطوير الاستراتيجيات

اعتماد الاستراتيجية الوطنية 2020-2030، تدعيم المرصد الوطني للمخاطر 3

وزارة الاقتصاد والمالية والإصلاح الإداري

-

التمويل، الإشراف المالي على برامج إدارة الكوارث

وكالة تنفيذية لبرنامج إدارة مخاطر الكوارث، إدارة صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية 4

المجلس الوطني للبيئة

وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة

توجيه وتنسيق العمل البيئي، الوقاية من الكوارث الطبيعية

تحديد مساعي الحكومة في البيئة، تتبع الدراسات واقتراح التشريعات 8

مؤسسة محمد الخامس للتضامن

-

تخفيف معاناة ضحايا الكوارث، تقديم المساعدات الطارئة

تقديم المساعدات الاستعجالية لضحايا الفيضانات والزلازل 10

المديرية العامة للوقاية المدنية

-

الاستجابة للطوارئ، البحث والإنقاذ، الإسعاف، الوقاية

إطفاء الحرائق، إنقاذ المصابين، تعزيز الموارد البشرية والتدريب 11

وكالات الأحواض المائية

-

التنظيم والرقابة المائية، دراسات المخاطر الطبيعية

دراسات تحديد وتدبير المخاطر الطبيعية، صلاحيات تنظيمية ورقابية 12

الوكالات الحضرية

وزارة الداخلية

التخطيط الحضري، وضع خطط الطوارئ لمواجهة الكوارث

تطوير نهج استباقي، دراسات تحديد وتدبير المخاطر الطبيعية 14

صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية (FLCN)

-

تمويل استثمارات الحد من المخاطر والتأهب، تعزيز الصمود

تحويله من أداة استجابة إلى صندوق وطني للمرونة، دعم تمويل المشاريع 3

الجدول 2: محاور الاستراتيجية الوطنية لتدبير مخاطر الكوارث (2020-2030) والنتائج الرئيسية

المحور الاستراتيجي

الهدف الرئيسي

النتائج المنتظرة

أمثلة على البرامج/المشاريع

تعزيز الحكامة المتعلقة بتدبير المخاطر الطبيعية

تعزيز التنسيق وتحسين التمويل

تعزيز التنسيق المركزي والترابي، تحسين نظام التمويل والتدبير المالي

برامج لتعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين 2

تحسين المعرفة وتقييم المخاطر الطبيعية

فهم أعمق للمخاطر

إنشاء قاعدة بيانات موثقة ومحدثة، توفير معلومات موثوقة في الوقت الفعلي، إتقان الجوانب العلمية والتقنية للظواهر

تقييم الأخطار على المستوى الوطني، إعداد دراسات تشخيصية 2

الوقاية من المخاطر الطبيعية وتطوير القدرة على الصمود

تقليص الهشاشة وتعزيز الصمود

تقليص الهشاشة وتعزيز صمود التراب الوطني ضد المخاطر الطبيعية

مشاريع الحد من مخاطر الكوارث، استثمارات في الحماية من الفيضانات 2

التأهب للكوارث الطبيعية من أجل انتعاش سريع وإعادة بناء أفضل

جاهزية للاستجابة والتعافي

إعداد الإنذار والاستجابة للطوارئ، ضمان انتعاش سريع، وضع عمليات إعادة بناء وآليات تمويل عادلة وشفافة وفعالة

تفعيل نظام الإنذار المبكر ضد الفيضانات، حملات التوعية بالكوارث 2

تشجيع البحث العلمي والتعاون الدولي وبناء القدرات في مجال تدبير المخاطر الطبيعية

تعزيز الخبرات والشراكات

تطوير البحث العلمي، تعزيز التعاون الدولي، بناء القدرات الوطنية في إدارة المخاطر

دعم معاهد ومؤسسات البحث العلمي، تنظيم المنتديات الإقليمية 2

تدابير الوقاية والحد من المخاطر

يُظهر المغرب التزامًا قويًا بالوقاية والحد من المخاطر من خلال استثمارات كبيرة في البنية التحتية المقاومة وتطوير آليات متقدمة لفهم المخاطر.

مشاريع الحد من المخاطر والبنية التحتية المقاومة

بين عامي 2016 و2024، ساند البنك الدولي تمويل وتنفيذ أكثر من 230 مشروعًا للحد من مخاطر الكوارث بقيمة 304 ملايين دولار.3 وقد استفاد من هذه المشروعات نحو 400 ألف شخص بصورة مباشرة وأكثر من 33 مليون شخص بصورة غير مباشرة في جميع أنحاء المملكة، مما يدل على النطاق الواسع لتأثير هذه التدابير.3

تضمنت هذه الاستثمارات بشكل خاص أنشطة الحماية من الفيضانات وأنظمة الإنذار المبكر.3 تم تفعيل نظام الإنذار المبكر ضد مخاطر الفيضانات في أربعة أقاليم تجريبية (المحمدية، الغرب، وادي أوريكا، كلميم) منذ عام 2023، وقد حقق ذلك منافع مباشرة لنحو 240 ألف شخص.3 هذا يعكس تحولًا نحو نهج استباقي في إدارة المخاطر. في الدار البيضاء، تم إطلاق مشروع "السوبر كوليكتور الغربي" (Super Collecteur Ouest) عام 2018 بميزانية 900 مليون درهم، وهو عبارة عن قناة تحت أرضية لتصريف مياه فيضانات وادي بوسكورة مباشرة في البحر.18 وقد ساهمت وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية بـ10 ملايين درهم في مشروع حماية الدار البيضاء من الفيضانات (مشروع SCO) الذي تم إنجازه بمبلغ إجمالي 850 مليون درهم.19 كما توجد مشاريع أخرى للحماية من الفيضانات في مدن مثل الصخيرات وعين حرودة-المحمدية وسطات.19 تشمل طرق مواجهة الفيضانات أيضًا الأعمال الهندسية المتنوعة مثل بناء السدود، حواجز العواصف، البوابات، المضخات، وتحسينات القناة النهرية.20

فيما يتعلق بالزلازل، تولي الدولة اهتمامًا دائمًا لقضايا السلامة في المباني لضمان حماية الأرواح والممتلكات.21 تم إعداد "ضابطة البناء المضاد للزلزال RPS2000 إصدارة 2011" بمشاركة وزارة التجهيز والماء، ونُشرت في الجريدة الرسمية بتاريخ 21 نوفمبر 2013 ودخلت حيز التنفيذ بعد ستة أشهر.21 كما توجد "ضابطة البناء بالطين المضاد للزلازل RPCT" 21، مما يدل على الاهتمام بالبناء التقليدي المقاوم للزلازل والحفاظ على التراث المادي.22 "مشروع القانون رقم 29-18 المتعلق بتنظيم عمليات البناء "مدونة البناء"" هو مرجع تقني وقانوني يهدف إلى ضبط وتنظيم قطاع البناء، وتحسين جودة المباني وضمان سلامتها واستدامتها، ويتناول مهام المتدخلين، ومواد وأساليب البناء المبتكرة، وسلامة الأوراش.21

يتطلب تشييد مبانٍ مقاومة للهزات الأرضية مراعاة إنشاء أساس مرن، وعزل القاعدة، وتقوية هيكل المنشآت باستخدام أقواس متقاطعة وجدران قص، وتقوية الجدران الداخلية بحديد وإسمنت.23 بعد زلزال الحوز 2023، تم تخصيص 120 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار) لإعمار وتنمية "مناطق الزلزال"، تشمل إعادة بناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية.25 ويشمل هذا المبلغ المساعدة في إعادة الإسكان المؤقت وتقديم ما يقارب 140,000 درهم لإعادة بناء المنازل المدمرة.26 كما تم إنشاء محطة زلزالية جديدة بشيشاوة كجزء من مشروع لتعزيز صمود المغرب أمام الكوارث، بدعم من اليونسكو والحكومة اليابانية، مما يعكس التعاون الدولي في تعزيز الأمن الزلزالي.27

هذه التدابير الهيكلية، من السدود والقنوات إلى المباني المقاومة للزلازل، هي استثمارات رأسمالية ضخمة وطويلة الأجل. إنها تدل على فهم استراتيجي بأن تقليل الهشاشة المادية أمر بالغ الأهمية للتنمية المستدامة. إن الإشارة إلى ضابطة البناء بالطين المقاوم للزلازل تُظهر نهجًا تكيفيًا يأخذ في الاعتبار ممارسات البناء المحلية، وهو تفصيل دقيق ومهم للتنفيذ الفعال. من خلال الاستثمار في البنية التحتية المرنة وتطبيق قوانين البناء، يهدف المغرب إلى تقليل الخسائر الاقتصادية والبشرية المستقبلية، مما يجعل مناطقه الحضرية والريفية أكثر قدرة على الصمود في وجه المخاطر الطبيعية المتكررة.

فهم المخاطر وتقييمها: جهود رسم خرائط المخاطر وإنشاء المراصد الوطنية

يُعد تحسين فهم مخاطر الكوارث من خلال تقييم العديد من الأخطار على المستوى الوطني، وإعداد دراسات تشخيصية واستراتيجيات خاصة بقدرة المناطق الحضرية على الصمود، إنجازًا رئيسيًا في استراتيجية المغرب.3

تم وضع نظام المعلومات الجغرافية (GIS) على ثلاث مراحل: جمع المعطيات المتعلقة بالمخاطر الطبيعية والتكنولوجية، إعداد نظام المعلومات الجغرافية للمخاطر، ووضع موزع عنكبوتي جغرافي وأدوات تواصل.5 وقد مكن هذا العمل من رصد ووصف وتحديد جغرافي للمخاطر التالية: مخاطر الزلازل/تسونامي، خطر تحرك الكتل، خطر الفيضان، خطر احتراق الغابات، خطر اجتياح الجراد، والمخاطر التكنولوجية والكيميائية.5

يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتعزيز السياسة الوطنية لتقييم مخاطر الكوارث الطبيعية، وبلورة خريطة للمخاطر الطبيعية على الصعيد الجهوي وتحديثها، والإسراع بإحداث المرصد الوطني للمخاطر، وإسناده ببنيات ترابية ودعم معاهد ومؤسسات البحث العلمي بالموارد الكافية.13 هذا يشير إلى تحول حاسم من الفهم القصصي للمخاطر إلى نهج علمي ومنهجي. البيانات الدقيقة والمتاحة عن المخاطر أساسية للتخطيط الفعال لاستخدام الأراضي، وتوجيه استثمارات التخفيف، وتطوير أنظمة إنذار مبكر قوية. التأكيد على "تحسين المعرفة وتقييم المخاطر" كهدف استراتيجي يؤكد هذا التوجه. يعزز هذا النهج القائم على البيانات كفاءة وفعالية تدخلات إدارة مخاطر الكوارث، مما يسمح بتخصيص أفضل للموارد للمناطق عالية الخطورة وتطوير سياسات أكثر استنارة، وينقل إدارة مخاطر الكوارث من الاستجابة إلى علم التنبؤ والوقاية.

التأهب والاستجابة للطوارئ

يُظهر المغرب التزامًا قويًا بتعزيز قدراته في التأهب والاستجابة السريعة للكوارث، من خلال تطوير مخططات وطنية شاملة وتعزيز قدرات فرق التدخل.

المخططات الوطنية للطوارئ

يُعد مخطط ORSEC (تنظيم وتنسيق الإسعافات عند وقوع الكوارث) من المخططات المحورية، ويهدف إلى المشاركة الفعالة لكل هيئات الولاية في عمليات الإسعاف عند وقوع الكوارث.24 يتكون هذا المخطط من خبراء معنيين مباشرة بنوع الكارثة، ويتم إحصاؤهم في إطار إعداد المخطط.24 يتضمن بطاقات عمل مفصلة على المستويات البلدي والوحدات التابعة للهيئات العمومية والخصوصية، ويتم إعداده بالتنسيق مع مصالح الحماية المدنية.24

بالإضافة إلى ذلك، يوجد المخطط الاستعجالي الوطني لمحاربة التلوث البحري الطارئ (POLMAR)، الذي يهدف إلى الوقاية ومكافحة التلوث البحري الكثيف الناتج عن المواد النفطية والضارة التي تهدد البيئة البحرية والساحل الوطني.5 يتضمن هذا المخطط جهازًا ملائمًا للكشف والإنذار، وتنظيمًا سريعًا وفعالًا ومنسقًا لأعمال الوقاية والمحاربة، وتحديد المسؤوليات.5 تُعد الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة المنسق الوطني لهذا المخطط، بينما تتولى مفتشية البحرية الملكية عمليات المكافحة في البحر.5 تُذكر أيضًا برامج أخرى مثل SATER وSAMAR وSAR كجزء من برامج إدارة الكوارث والمخاطر الكبرى.29

تعزيز قدرات الوقاية المدنية وفرق التدخل المتخصصة

تُعد المديرية العامة للوقاية المدنية في المغرب ركيزة أساسية في الاستجابة للطوارئ. تتوفر هذه المديرية على أسطول مهم من سيارات الإسعاف وشاحنات الإطفاء، بلغ حوالي 1700 مركبة في عام 2017، بالإضافة إلى عتاد معلوماتي مهم ومجموعة من وسائل الاتصال اللاسلكي لتعزيز ربط وحدات التدخل وتحسين التنسيق بينها.11 يتم تعزيز الموارد البشرية من خلال تحسين برامج التدريب والتعليم وزيادة عدد الموظفين.3 وتوجد وحدات متخصصة مثل السباحين المنقذين والوحدة المتنقلة التي تشمل نحو 300 عنصر، ويمكن أن يصل تدخلها إلى المستوى الوطني أو الدولي.11 ويُشجع على إحداث شبكات للمتطوعين المتخصصين في الإسعافات الأولية ومساعدة ضحايا الكوارث وتقديم الدعم وتشجيع العمل التطوعي في مجال تدبير مخاطر الكوارث الطبيعية.13

أهمية التمارين الميدانية والمحاكاة في تحسين الجاهزية

تُجرى تمارين ميدانية لتفعيل المخطط الاستعجالي الوطني (POLMAR) كل سنتين، وتعرف باسم "سيملكس" (SIMULEX).5 تهدف هذه التمارين إلى تحقيق أهداف محددة تشمل: اختبار الإجراءات المنصوص عليها في المخطط، نشر فرق التدخل في البحر والبر، تحديد الوسائل التقنية واللوجستية اللازم استخدامها، دعم التنسيق بين القطاعات المعنية، تجنب الاختلال الوظيفي في حال حدوث تلوث حقيقي، وتحديد وسد الثغرات الواردة في المخطط وتحيينه.5 تتمحور التمارين حول سيناريوهات للتدخل ومواجهة أحداث مثل إنقاذ الأرواح البشرية، إطفاء حريق في ناقلة بترول، معالجة الانسكاب الزيتي، وحماية السواحل المهددة بالتلوث.5 يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتنظيم عمليات محاكاة بشكل منتظم في مجال مكافحة الكوارث الطبيعية لاختبار الآليات وتعزيز مهارات الفاعلين المعنيين.13

الهدف من هذه التمارين ليس مجرد الاختبار، بل هو تحديد الثغرات وسدها وتحديث المخططات باستمرار. هذا يشير إلى نهج تكيفي وموجه نحو التعلم في التأهب، حيث تُستخدم المحاكاة الواقعية لتحسين البروتوكولات الحالية. التركيز على "تجنب الاختلال الوظيفي" يسلط الضوء على الاهتمام بالكفاءة التشغيلية تحت الضغط. هذه الدورة المستمرة من التخطيط والتدريب والتقييم حاسمة لتعزيز فعالية الاستجابة للطوارئ، مما يضمن تطور قدرات البلاد مع تغير المخاطر والدروس المستفادة من الأحداث الماضية.

الاستجابة الفورية للكوارث (مع الإشارة إلى زلزال الحوز كنموذج)

بعد زلزال الحوز القوي في سبتمبر 2023، الذي أودى بحياة ما يقرب من 3000 شخص ودمر قرى بأكملها 1، اتخذ المغرب إجراءات عاجلة وواسعة النطاق.31 شملت هذه الإجراءات نشر وسائل لوجستية (جوية وبرية) ووحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق للبحث والإنقاذ.31 كما تم تشكيل لجنة وزارية لوضع برنامج عاجل لإعادة تأهيل المنازل المدمرة، وإنشاء صندوق خاص بمعالجة الآثار المترتبة على الزلزال.31

تضمنت الاستجابة أيضًا إنشاء مستشفيات ميدانية لاستقبال المصابين، وتزويد المناطق المتضررة بالماء الصالح للشرب، وتوزيع حصص غذائية وخيام وأغطية على المنكوبين.31 وتم التكفل الكامل بالأشخاص والأسر التي فقدت عائلها وتوفير مأوى للأشخاص الذين فقدوا منازلهم.31 كما شهدت هذه المرحلة تعبئة شاملة لمؤسسة محمد الخامس للتضامن بجميع مكوناتها لتقديم الدعم.31 ولضمان الجاهزية المستقبلية، تم تشكيل احتياطات ومخزون للحاجات الأولية (أدوية، خيام، أسرة، مواد غذائية) على مستوى كل جهة من المملكة لمواجهة كل أشكال الكوارث.31 وقد تم صرف 300 مليون دولار من نظام الحماية المالية بعد زلزال الحوز عام 2023.3 يمتلك المغرب أيضًا منصات طوارئ جهوية لتعزيز الأمن الصحي والتدخل السريع، مصممة بمعايير دولية وتغطي الجهات الـ12، وتتضمن مخزونات استراتيجية تكفي ثلاثة أضعاف احتياجات زلزال الحوز.33

لم تكن الاستجابة لزلزال الحوز مجرد إجراءات مخصصة، بل شملت تفعيل آليات راسخة مثل الصندوق الخاص ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، وصرف الأموال من نظام التأمين ضد الكوارث. هذا يشير إلى أن الأطر القانونية والمؤسسية التي نوقشت سابقًا تعمل بشكل فعال ويمكن نشرها بسرعة في الأزمات. إن إنشاء منصات الطوارئ الجهوية بمخزونات استراتيجية يعزز هذا الموقف الاستباقي. تُعد استجابة زلزال الحوز بمثابة اختبار واقعي، يُظهر التطبيق العملي وفعالية استراتيجية إدارة مخاطر الكوارث المتكاملة. كما يسلط الضوء على أهمية الأطر المالية واللوجستية المعدة مسبقًا لتحقيق تعافٍ فعال بعد الكارثة.

الحماية المالية وإعادة الإعمار

تُعد الحماية المالية وإعادة الإعمار من الركائز الأساسية في استراتيجية المغرب لتدبير الكوارث، مع التركيز على آليات التمويل المبتكرة والشراكات الفعالة.

آليات التمويل المبتكرة لمواجهة الكوارث ودور الشراكات بين القطاعين العام والخاص

ينفذ المغرب نظامًا مبتكرًا للتمويل بين القطاعين العام والخاص لمواجهة مخاطر الكوارث، يغطي جميع طوائف الشعب المغربي من خلال التأمين الخاص وصندوق التضامن العام.3 هذا يعكس نهجًا متقدمًا في إدارة المخاطر المالية. وقد تم صرف 300 مليون دولار من هذا النظام بعد زلزال الحوز عام 2023، مما يؤكد فعاليته في أوقات الأزمات.3

ساند البنك الدولي تمويل وتنفيذ مشاريع الحد من مخاطر الكوارث بقيمة 304 ملايين دولار بين عامي 2016 و2024.3 كما تم إعادة تصميم الصندوق المغربي لمكافحة آثار الكوارث الطبيعية (FLCN) وتحويله من أداة للاستجابة في حالات الطوارئ إلى صندوق وطني لتعزيز القدرة على الصمود، مما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو الوقاية.3 حصل المغرب أيضًا على قرض بقيمة 275 مليون دولار (2.8 مليار درهم) من البنك الدولي في يناير 2020 يمكن سحبه في حالات الكوارث، مما يوفر سيولة مالية فورية.7 بلغت إيرادات الضريبة شبه المالية المطبقة على أقساط التأمين 234 مليون درهم، مما يوضح مصدرًا مستدامًا لتمويل النظام.7

صناديق إعادة الإعمار والتأهيل بعد الكوارث

بعد زلزال الحوز، تم إنشاء صندوق خاص لتدبير آثار الزلزال، يتحمل النفقات المتعلقة بالبرنامج الاستعجالي، ويعنى بإعادة تأهيل وإعمار المنازل المدمرة، واستئناف النشاط الاقتصادي في المناطق المتضررة.31 وقد تم تخصيص 120 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار) لإعمار وتنمية "مناطق الزلزال" ضمن برنامج شامل.25 يشمل هذا البرنامج أربعة مكونات أساسية: إعادة إيواء السكان المتضررين، إعادة بناء المساكن، وإعادة تأهيل البنيات التحتية؛ فك العزلة وتأهيل المجالات الترابية؛ تسريع امتصاص العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتأثرة بالزلزال؛ وتشجيع الأنشطة الاقتصادية والتشغيل، بالإضافة إلى تثمين المبادرات المحلية.25 كما يتضمن البرنامج إحداث منصة كبرى للمخزون والاحتياطات الأولية (خيام، أغطية، أسرة، أدوية، مواد غذائية).25 وقد لوحظ تقدم ملموس في عملية إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز.34 ويشمل الدعم المساعدة في إعادة الإسكان المؤقت وتقديم ما يقارب 140,000 درهم لإعادة بناء المنازل المدمرة.26

الخاتمة: التحديات والآفاق المستقبلية

على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في تطوير إطار متكامل لإدارة مخاطر الكوارث، لا تزال هناك تحديات قائمة تتطلب اهتمامًا مستمرًا.

التحديات الراهنة

يظل المغرب عرضة بشكل كبير للكوارث الطبيعية، مع تقديرات خسائر سنوية محتملة تتجاوز 800 مليون دولار.1 وتشمل التحديات الجوانب المتعلقة بالإسكان، والتأخر في بعض الجوانب التشريعية والقانونية، والجانب التقني، والجانب الجمعوي، والجانب التخطيطي.1 كما يبرز تحدي الاستفادة الفعالة من التمويلات الضخمة.1

يُلاحظ وجود حاجة لآلية فعالة لضمان تنسيق أنشطة إدارة مخاطر الكوارث بين القطاعات وعلى المستويين المركزي والمحلي.35 لا تزال قدرات الإنذار المبكر محدودة في بعض الجوانب، ولا يوجد نظام متكامل للإنذار المبكر للكوارث البطيئة والسريعة على حد سواء.35 كما أن مهارات إدارة المعلومات والتحليل عبر هياكل إدارة الكوارث قد لا تكون كافية دائمًا، والعديد من البيانات لا يتم تحديثها بانتظام أو بآلية مناسبة.35 هناك أيضًا حاجة ملحة لتعزيز المرونة في التخطيط الحضري نظرًا لتعرض المناطق الحضرية بشكل خاص للأخطار الطبيعية والتلوث.36 وقد أشارت بعض الانتقادات إلى بطء في وتيرة إعادة الإعمار وتوفير الإسكان لضحايا زلزال الحوز.37

الآفاق المستقبلية والتوصيات

لتعزيز قدرة المغرب على الصمود في مواجهة الكوارث الطبيعية، يُوصى بالآتي:

  • مواصلة التركيز على النهج المتكامل والاستباقي: ينبغي الاستمرار في دمج الوقاية والحد من المخاطر في جميع سياسات التنمية والتخطيط.

  • تعزيز القدرات المؤسسية والتنسيق: العمل على تحسين التنسيق الفعال بين جميع الهيئات والوزارات المعنية على المستويين المركزي والترابي، وتزويدها بالموارد البشرية والمادية الكافية.

  • تطوير تقييم المخاطر القائم على البيانات: تسريع إحداث المرصد الوطني للمخاطر وتفعيل دوره في بلورة خرائط للمخاطر الطبيعية على الصعيد الجهوي وتحديثها بانتظام، ودعم البحث العلمي في هذا المجال.

  • استدامة الاستثمارات في البنية التحتية المرنة: مواصلة تمويل وتنفيذ مشاريع البنية التحتية المقاومة للكوارث، وتطبيق معايير بناء صارمة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصيات البناء المحلي.

  • توسيع آليات الحماية المالية: تعزيز نظام التأمين ضد الكوارث وصندوق التضامن، واستكشاف آليات تمويل مبتكرة إضافية لضمان التغطية الشاملة والمرونة المالية.

  • التدريب المستمر وتمارين المحاكاة: تكثيف برامج التدريب للوقاية المدنية وفرق التدخل، وتنظيم تمارين محاكاة منتظمة لتقييم وتحديث خطط الطوارئ وسد الثغرات.

  • تعزيز الوعي العام والمشاركة المجتمعية: تطوير حملات توعية شاملة ومستمرة للمواطنين حول كيفية التصرف قبل وأثناء وبعد الكوارث، وتشجيع العمل التطوعي في إدارة المخاطر.

  • الاستفادة من التعاون الدولي والبحث: مواصلة الشراكات مع المنظمات الدولية والدول الرائدة في مجال إدارة الكوارث للاستفادة من الخبرات ونقل التكنولوجيا.

  • ضمان الشفافية والمساءلة: تعزيز آليات التتبع والتقييم لضمان الشفافية في استخدام الموارد المخصصة لإدارة الكوارث وإعادة الإعمار، ومعالجة أي تأخيرات أو تحديات في التنفيذ.

إن هذه التدابير، مجتمعة، ستسهم في بناء مجتمع مغربي أكثر صمودًا وقدرة على التكيف مع التحديات المتزايدة للكوارث الطبيعية، وتحويلها من مجرد تهديدات إلى فرص لتعزيز التنمية المستدامة.

تعليقات