الشرق الأوسط: ديناميكيات الصراعات الإقليمية واستراتيجيات بناء المرونة
الملخص التنفيذي
يواجه الشرق الأوسط في عامي 2024-2025 مشهدًا جيوسياسيًا بالغ التعقيد والخطورة، يتسم بتصاعد الصراعات الإقليمية وتعمق الأزمات الإنسانية. يشهد التوتر بين إسرائيل وإيران تحولاً جذريًا نحو المواجهة المباشرة، مما يهدد بتغيير موازين القوى الإقليمية ويزيد من احتمالات التصعيد الواسع. في الوقت نفسه، يستمر الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني في مرحلة مدمرة، خاصة في غزة والضفة الغربية، مع تداعيات إنسانية وسياسية كارثية. كما تشهد سوريا والسودان واليمن صراعات داخلية متشابكة، تتفاقم بفعل التدخلات الخارجية، مما يؤدي إلى تفكك الدول وتفاقم الكوارث الإنسانية.
تتجاوز هذه التحديات التقليدية للصراعات المسلحة لتشمل مخاطر الكوارث الطبيعية، التي تفرض ضغوطًا إضافية على الاستقرار الإقليمي. يقدم المغرب نموذجًا استباقيًا في إدارة مخاطر الكوارث الطبيعية، من خلال تطوير أطر قانونية ومؤسسية قوية، والاستثمار في البنية التحتية المرنة، وتعزيز آليات التأهب والاستجابة. تُظهر هذه الجهود أن المرونة الوطنية في مواجهة التحديات غير المتعلقة بالصراعات هي عنصر حيوي للاستقرار الإقليمي الشامل.
تُعاني الجهود الدبلوماسية من تحديات كبيرة، بما في ذلك المواقف المتصلبة، وغياب الثقة، والتدخلات الخارجية التي تغذي الصراعات بالوكالة. يتطلب تحقيق السلام المستدام في المنطقة نهجًا دوليًا منسقًا ومتكاملًا، يركز على معالجة الأسباب الجذرية للصراعات، وإدارة نفوذ القوى الخارجية، وتعزيز آليات الحماية المالية والإنسانية، مع الاستفادة من النماذج الناجحة في بناء المرونة الوطنية.
1. مقدمة: المشهد المتقلب في الشرق الأوسط
يظل الشرق الأوسط، بفضل موقعه الجيوسياسي الاستراتيجي وموارده الهائلة من الطاقة، بؤرة للنزاعات المعقدة والمترابطة. لطالما شهدت المنطقة فترات من التنافس الجيوسياسي الشديد والصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية، وهي تمر حاليًا ببيئة شديدة التقلب في عامي 2024-2025. يقدم هذا التقرير تحليلاً متخصصًا للصراعات الإقليمية الرئيسية وديناميكياتها المتعددة الأوجه، وتأثيراتها، والجهود الدبلوماسية الجارية. بالإضافة إلى ذلك، يتناول التقرير التحديات الحرجة غير المتعلقة بالصراعات، مثل نهج المغرب الاستباقي في إدارة الكوارث الطبيعية، إدراكًا لأهمية جهود المرونة هذه في تحقيق الاستقرار الإقليمي الشامل والأمن البشري.
إن التحليل الشامل للاستقرار الإقليمي يتطلب توسيع نطاق البحث ليشمل التحديات التي تتجاوز الصراعات المسلحة التقليدية. ففي حين تركز الاستفسارات غالبًا على المواجهات المسلحة بين الدول أو الجهات الفاعلة غير الحكومية، تمثل الكوارث الطبيعية تحديات إقليمية كبيرة تؤثر بعمق على الأمن البشري والتنمية الاقتصادية والبنية التحتية والحوكمة. يمكن أن تؤدي هذه التأثيرات إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة، وتحويل الموارد الحيوية بعيدًا عن مجالات أخرى مثل حل النزاعات، وتقويض الاستقرار على المدى الطويل. لذلك، فإن أي تقرير متخصص يسعى لتقديم تحليل شامل لمنطقة متقلبة يجب أن يأخذ في الاعتبار جميع التهديدات الرئيسية للاستقرار. إن تجاهل الجهود التفصيلية للمغرب في مجال المرونة يعني إغفال جانب حاسم لكيفية معالجة دولة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل استباقي لتحدٍ إقليمي كبير. وعليه، يدمج هذا التقرير قسمًا مخصصًا لإطار إدارة الكوارث في المغرب، مما يتيح فهمًا شموليًا للتهديدات المتنوعة للاستقرار في المنطقة، ويقدم مبادرات المغرب كدراسة حالة في بناء المرونة الوطنية التي تساهم بشكل غير مباشر في الاستقرار الإقليمي من خلال التخفيف من الاضطرابات غير المرتبطة بالصراعات.
2. الصراعات الإقليمية الرئيسية وديناميكياتها (2024-2025)
يشهد الشرق الأوسط حاليًا عدة صراعات عميقة الجذور ومتطورة، لكل منها خصائصه الفريدة، لكنها غالبًا ما تكون مترابطة عبر شبكة من التحالفات والاشتباكات بالوكالة والمصالح الجيوسياسية المشتركة.
2.1. المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية
تصاعدت الحرب الخفية الطويلة الأمد بين إسرائيل وإيران إلى مواجهات مباشرة في عامي 2024-2025، مما أدى إلى تغيير جوهري في ميزان القوى الإقليمي.
شملت الضربات الإسرائيلية الأخيرة مدنًا إيرانية مثل رشت على بحر قزوين، واستهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية وقيادات عسكرية عليا.1 في المقابل، فشلت الضربات الانتقامية الإيرانية، على الرغم من إطلاق مئات الطائرات المسيرة والصواريخ، في إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل.2 أدى هذا التطور إلى تصور مفاده أن "توازن الرعب" بين القوتين أصبح "باليًا"، مع اكتساب إسرائيل "تفوقًا جويًا جزئيًا على الأقل" وتزايد "قيود الخيارات" أمام إيران.2
تعتمد إيران على شبكة "محور المقاومة" التي تضم حماس (قطاع غزة)، وحزب الله (لبنان)، والحوثيين (اليمن)، وتوفر لهم التدريب والأسلحة والدعم المالي لتعزيز أهدافها الإقليمية.2 تمنح هذه الوكلاء إيران "إنكارًا معقولاً" لهجماتها، مما يحميها من الانتقام المباشر.3 ومع ذلك، بعد أحداث أكتوبر 2023، تعرضت حماس وحزب الله "لإضعاف شديد"، وأصبحت قدرتهما على ضرب إسرائيل "محدودة للغاية".2 يُوصف حزب الله بأنه "جريح ومنغمس في شؤونه الداخلية".2 كما انهار نظام الأسد في سوريا، الذي كان حليف إيران الوحيد ونقطة انطلاق رئيسية لنفوذها، في ديسمبر 2024، مما أضعف شبكة إيران الإقليمية بشكل أكبر.2 في المقابل، برز الحوثيون في اليمن كـ"قوة إقليمية مؤثرة"، على الرغم من القيود الجغرافية والأسلحة البدائية، من خلال قدرتهم على إظهار القوة في البحر الأحمر.2
أسفر هذا الصراع عن زيادة التوترات وارتفاع خطر نشوب حرب إقليمية أوسع، خاصة مع احتمال تدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر.3 اعترضت الولايات المتحدة طائرات مسيرة وصواريخ إيرانية أطلقت على إسرائيل ونشرت أسرابًا إضافية من الطائرات في المنطقة.3 وقد حذرت القيادة الإيرانية من أن أي تدخل أمريكي إضافي قد يؤدي إلى "حرب شاملة".3 كما يمثل احتمال قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من إنتاج النفط العالمي، تهديدًا اقتصاديًا كبيرًا، على الرغم من أن هذا الإجراء سيضر أيضًا بصادرات النفط الإيرانية ويثير غضب دول الخليج والصين.2
إن تآكل آليات الردع التقليدية، حيث يدرك طرف (إسرائيل) تفوقه العسكري الحاسم بينما يجد الطرف الآخر (إيران) نفسه ضعيفًا ومحاصرًا، يؤدي إلى ديناميكية خطيرة تزيد بشكل كبير من مخاطر التصعيد العسكري المباشر واسع النطاق. تاريخيًا، حافظ "توازن الرعب" 2 على الصراع في "منطقة رمادية أو حرب هجينة".2 عندما يرى طرف (إسرائيل) ميزة عسكرية حاسمة، ويجد الطرف الآخر (إيران) نفسه ضعيفًا ومحاصرًا، فإن آليات الردع التقليدية التي منعت الصراع المباشر واسع النطاق تضعف. هذا يخلق ديناميكية خطيرة حيث قد يشعر الطرف الأقوى بالجرأة لدفع أهدافه بقوة أكبر، بينما قد يلجأ الطرف الأضعف، الذي يواجه "وحدة استراتيجية" 2، إلى تدابير يائسة، بما في ذلك تسريع الطموحات النووية المحتملة.2 هذا التآكل في الردع يزيد بشكل كبير من خطر التصعيد العسكري المباشر وواسع النطاق بين إسرائيل وإيران، مع عواقب مدمرة محتملة للمنطقة بأسرها وأسواق الطاقة العالمية. يصبح الدور الأمريكي أكثر أهمية في إدارة هذا التصعيد، حيث يمكن لأفعاله أو تقاعسه أن يرجح الكفة نحو صراع أوسع.
2.2. الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني
دخل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، خاصة منذ أكتوبر 2023، مرحلة جديدة شديدة التدمير، مع تداعيات إنسانية وسياسية عميقة.
أسفر الهجوم الإسرائيلي على غزة عن دمار هائل، حيث قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني وفُقد الآلاف، وتضررت أو دُمرت ثلثا المباني والبنية التحتية.4 تُعيد العمليات تشكيل جغرافية غزة من خلال ممر فيلادلفيا وممر نتساريم، وقد أُفرغت المنطقة الواقعة شمال مدينة غزة إلى حد كبير.4 الوضع الإنساني مأساوي، حيث يعيش معظم الفلسطينيين محاصرين في الجنوب، ويعتمدون على المساعدات، ويواجهون ظروف المجاعة.4 وقد أدى منع إسرائيل للمساعدات الإنسانية إلى تفاقم الأزمة.6
في الضفة الغربية، تبدو إسرائيل "على وشك ضم" المنطقة، حيث يتم نقل إدارتها من السيطرة العسكرية إلى المدنية وتوسيع السيادة الإسرائيلية.4 هناك زيادة في هدم منازل الفلسطينيين وتقنين البؤر الاستيطانية.4 أدى ذلك إلى تصاعد العنف والتهجير، وحشر الفلسطينيين في "جيوب أصغر بالقوة".4
تخلت إسرائيل عن "حتى ادعاء التوافق السياسي لصالح القمع الصريح"، بهدف سحق آمال الفلسطينيين في تقرير المصير.4 وقد أثار الصراع استنكارًا دوليًا كبيرًا، لكن القادة الإسرائيليين يبدو أنهم يراهنون على أن "المؤسسات والعدالة الدولية تظل عاجزة إلى حد كبير".4 تأجلت الجهود الدبلوماسية، بما في ذلك مؤتمرات الأمم المتحدة حول حل الدولتين، بسبب تصاعد التوترات.6 وقد واجهت محادثات وقف إطلاق النار التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة صعوبة في التوصل إلى نهاية دائمة للحرب، حيث تضغط حماس من أجل إنهاء دائم بينما تصر إسرائيل على هدنات مؤقتة.4
يشير التحول في السياسة الإسرائيلية من "ادعاء التوافق السياسي" إلى "القمع الصريح" والضم الفعلي في الضفة الغربية 4 إلى خروج جوهري عن أطر السلام المعترف بها دوليًا مثل حل الدولتين. هذا النهج، إلى جانب الدمار الهائل والكارثة الإنسانية في غزة، يخلق مظالم أعمق، ويعزز العداء، ويهدم بشكل منهجي الظروف اللازمة لتسوية سياسية تفاوضية. عندما يتخلى أحد الأطراف عن فرضية الحل السياسي لصالح السيطرة والقوة الأحادية، يصبح الصراع بطبيعته أكثر تعقيدًا. هذا يعني أن المستقبل على المدى الطويل سيشهد على الأرجح عدم استقرار، يتميز بدورات العنف، والمعاناة الإنسانية المستمرة، وتحديًا كبيرًا للقانون والأعراف الدولية. كما أن تآكل آفاق السلام يزيد من خطر التطرف والامتداد الإقليمي.
2.3. الحرب الأهلية السورية: حقبة ما بعد الأسد
شهدت الحرب الأهلية السورية نقطة تحول دراماتيكية في ديسمبر 2024 مع الانهيار السريع لنظام بشار الأسد، منهيةً 54 عامًا من حكم عائلة الأسد.
في 27 نوفمبر، شنت هيئة تحرير الشام، وهي جماعة مرتبطة سابقًا بتنظيم القاعدة، هجومًا من إدلب، وسرعان ما سيطرت على حلب ثم تقدمت إلى دمشق بحلول 8 ديسمبر، مما أدى إلى سقوط النظام في أقل من أسبوعين.4 يُعزى انهيار الجيش السوري إلى قوات هيئة تحرير الشام المدربة جيدًا وتدهور نظام الأسد الداخلي، حيث أهمل الأسد قواته، معتمدًا على المجندين والاحتياطيين ذوي الأجور المتدنية والميليشيات المفترسة.4 والأهم من ذلك، أن داعمي الأسد الخارجيين - حزب الله وإيران وروسيا - "وقفوا متفرجين" إلى حد كبير، منشغلين بصراعاتهم الخاصة (حزب الله في لبنان، إيران مع الضربات الإسرائيلية، روسيا في أوكرانيا).4
شهدت الفترة التي تلت الانهيار مباشرة "فوضى" مع تقارير عن أعمال نهب وقتل عشوائي لأفراد الأقليات وإعدامات بإجراءات موجزة في مناطق مثل حماة وحمص واللاذقية.4 تواجه هيئة تحرير الشام، التي أصبحت الآن في السلطة فعليًا، تحديات حوكمة كبيرة بسبب جذورها الجهادية، مما يثير "القلق" بين الأقليات والعلمانيين السنة والنساء الذين يتوقعون دورًا في الحكومة.4 كما تهدد أعمال الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في الشمال الشرقي بحدوث مزيد من النزوح.4
يستمر وجود تركيا ودعمها للجيش الوطني السوري في التأثير على الديناميكيات في الشمال.4 شنت إسرائيل غارات جوية على قواعد سلاح الجو السوري ومنشآت بحرية ومخازن أسلحة مع سقوط الأسد، ونقلت قوات إلى مرتفعات الجولان.4 يمكن أن يؤدي عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الخارجية الأمريكية في ظل إدارة جديدة إلى زيادة زعزعة استقرار الوضع.4
إن الانهيار السريع لنظام الأسد، في حين أنهى دكتاتورية طويلة الأمد، أدى على الفور إلى "فوضى" و"تحديات حوكمة" كبيرة.4 هذا يوضح مفارقة شائعة في التحولات ما بعد الصراع: غالبًا ما يؤدي إزالة سلطة مركزية، حتى لو كانت قمعية، إلى فراغ في السلطة وأشكال جديدة من عدم الاستقرار إذا لم يكن هناك إطار قوي وشامل ومدعوم دوليًا للانتقال. إن صعود جماعة مثل هيئة تحرير الشام، بخلفيتها الجهادية، يزيد من تعقيد المسار نحو مستقبل مستقر وشامل، مما قد يؤدي إلى صراعات داخلية جديدة أو أزمات إنسانية. من المرجح أن تظل سوريا مجزأة وغير مستقرة على المدى القصير والمتوسط. يجب أن يتحول التركيز من مجرد إنهاء النظام إلى إرساء حوكمة شرعية، وضمان الأمن لجميع السكان، وتنسيق الجهود الدولية لإعادة الإعمار وتخفيف العقوبات 9 لمنع المزيد من الانهيار والتطرف.
2.4. الصراع في السودان: الصراع الداخلي والامتداد الإقليمي
تطور الصراع الداخلي في السودان، الذي يضع قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني، ليصبح الحرب الأكثر تدميرًا في العالم من الناحية الإنسانية، مع زعزعة استقرار إقليمية كبيرة.
يدور الصراع بشكل أساسي بين قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، والجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان.4 لقد تقاسما السلطة في البداية بعد الإطاحة بعمر البشير، ثم انقلبا على بعضهما البعض.4 يعتمد الجيش على القوة الجوية والطائرات المسيرة التي توفرها دول أجنبية، ويقصف مناطق سيطرة قوات الدعم السريع بشكل عشوائي، وقد حشد ميليشيات إسلامية.4 تكافح قوات الدعم السريع للاحتفاظ بالأراضي ولكنها قوية في الهجمات المتحركة، وغالبًا ما تسبب "مذابح".4 لا يبدو أن أيًا من الطرفين مرجح أن ينتصر، مما يؤدي إلى جمود طويل الأمد.4
تسببت الحرب في أزمة إنسانية مذهلة: فقد نزح 12 مليون سوداني (أكثر من ثلث سكان ما قبل الحرب)، ويواجه أكثر من ربع السكان نقصًا حادًا في الغذاء، مع مجاعة في أجزاء من دارفور.4 وتفيد تقارير مسؤولي الأمم المتحدة عن معدلات "مذهلة" من العنف الجنسي ضد النساء والفتيات.4 تتزايد تجزئة البلاد وتتجه نحو "تصدع عنيف".4
يهدد الصراع "بزعزعة استقرار جيران السودان".4 فقد تدهورت عائدات النفط في جنوب السودان بسبب إغلاق خطوط الأنابيب، وتتحمل شرق تشاد عبء ما يقرب من مليون لاجئ.4 وتشارك أطراف خارجية بعمق: تتهم الإمارات بدعم قوات الدعم السريع، وتدعم مصر الجيش السوداني، وتقوم إريتريا بتدريب جماعات متحالفة مع الجيش، ويقال إن إيران زودت الجيش بطائرات مسيرة متطورة.4 وقد أدى هذا "التدخل الخارجي" إلى "تقسيم القرن الأفريقي إلى معسكرات متنافسة".4
شهدت المحادثات التي استضافتها المملكة العربية السعودية في جدة "نجاحًا ضئيلًا".4 وقد عينت الولايات المتحدة أخيرًا مبعوثًا خاصًا للسودان.4 كانت محادثات البحرين السابقة (يناير 2024) بين أبو ظبي والقاهرة "أخطر محاولة" لجمع الأطراف، مما يشير إلى الحاجة إلى أن "تُعيد" هذه القوى الإقليمية "إحياء المحادثات" ووضع "رؤية لتقاسم السلطة".4
يُظهر الصراع في السودان كيف تتفاقم الصراعات الداخلية وتطول بفعل التدخلات الخارجية الكبيرة. إن تورط قوى إقليمية مختلفة (الإمارات، مصر، إريتريا، إيران) تدعم فصائل متناحرة 4 يحول الصراع إلى ساحة معركة بالوكالة. هذا لا يؤجج العنف داخليًا فحسب، بل يخلق أيضًا "معسكرات متنافسة" في منطقة القرن الأفريقي الأوسع 4، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار إقليمية أوسع. غالبًا ما تفوق المصالح الخاصة للأطراف الخارجية في نتيجة الصراع التزامها بالحل السريع، مما يحبس البلاد في حلقة مفرغة من العنف والتجزئة. إن حل الصراع في السودان لا يتطلب فقط معالجة الديناميكيات الداخلية بين قوات الدعم السريع والجيش، بل يتطلب أيضًا جهدًا دوليًا منسقًا لإدارة، وحيثما أمكن، الحد من التأثير المزعزع للاستقرار للقوى الخارجية وتدخلاتها بالوكالة. بدون ذلك، ستظل الجهود الإنسانية غارقة، وسيستمر خطر تفكك السودان بالكامل، مع عواقب وخيمة على الأمن الإقليمي.
2.5. الصراع في اليمن: أعمال الحوثيين وتداعياتها الأوسع
لا يزال الصراع في اليمن، الذي يدخل عامه التاسع، يمثل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وتفاقم بشكل كبير بسبب تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
تطورت جماعة الحوثي، وهي حركة زيدية شيعية، لتصبح "قوة عسكرية هائلة".10 منذ أكتوبر 2023، أطلقوا صواريخ وطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية، وبشكل أكثر فعالية، على "سفن الشحن المرتبطة بإسرائيل" في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب.3 ترتبط هذه الأعمال صراحة بالتضامن مع حماس والفلسطينيين.3 وقد كان الدعم الإيراني، بما في ذلك نقل الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية، "حاسمًا" في تعزيز القدرات العسكرية للحوثيين وقدرتهم على إظهار القوة في البحر الأحمر.3
تسببت هجمات الحوثيين في "آثار مدمرة" على الشحن الدولي، حيث حولت أكثر من نصف حركة الملاحة البحرية قبل الصراع من البحر الأحمر، ورفعت تكاليف الشحن وأقساط التأمين وأسعار الشحن البحري.10 وقد أدى ذلك إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية.10 لا يزال اليمن يواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج أكثر من 21 مليون يمني إلى المساعدة، ويعانون من نقص الغذاء والرعاية الصحية والبنية التحتية.5 وقد ارتكبت جميع الأطراف، بما في ذلك الحوثيون والتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، انتهاكات لحقوق الإنسان وعرقلت إيصال المساعدات.5
يُعد الحوثيون مكونًا رئيسيًا في "محور المقاومة" الإيراني، مما يوفر لإيران "إنكارًا معقولًا" للهجمات ويساعد في التهرب من عقوبات شحن النفط.3 وقد شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عمليات عسكرية (عملية حارس الازدهار، عملية أسبيدس) وضربات جوية ضد مواقع الحوثيين ردًا على هجمات البحر الأحمر.10 أعادت الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين ككيان إرهابي عالمي محدد (SDGT) في عام 2024 ومنظمة إرهابية أجنبية (FTO) في مارس 2025، مما يعقد جهود السلام وإيصال المساعدات الإنسانية.11
يهدف مرفق الأمم المتحدة لدعم السلام إلى دعم عملية السلام الوطنية وتنفيذ اتفاق ستوكهولم للسلام لعام 2018.13 على الرغم من الهدنة الهشة في أبريل 2022، تعمق الصراع، وأشار المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن في مارس 2025 إلى أن الأطراف "تضع نفسها علنًا في وضع استعداد للمواجهة العسكرية".11 يواصل الوسطاء (الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، عمان) العمل من أجل هدنة دائمة وحل سياسي.10
إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر هي نتيجة مباشرة للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني 10، مما يدل على كيفية تسبب صراع محلي في تأثيرات اقتصادية عالمية كبيرة. إن استهداف ممرات الشحن الدولية 10 يسلط الضوء على ضعف سلاسل الإمداد العالمية أمام عدم الاستقرار الإقليمي. هذه علاقة واضحة بين السبب والنتيجة: التوترات الجيوسياسية الإقليمية (حرب إسرائيل وحماس) تؤدي إلى أعمال بالوكالة (هجمات الحوثيين)، والتي تسبب بعد ذلك اضطرابًا اقتصاديًا عالميًا (تكاليف الشحن، تأخيرات سلسلة الإمداد). هذا الترابط يؤكد أن الصراعات في الشرق الأوسط ليست ظواهر معزولة ولكن لها عواقب دولية بعيدة المدى. إن حل الصراع في اليمن، وتحديداً أزمة البحر الأحمر، لا يتطلب فقط معالجة الديناميكيات الداخلية اليمنية، بل يتطلب أيضًا استراتيجية إقليمية أوسع لخفض التصعيد تعالج الأسباب الجذرية للصراعات المترابطة. يجب أن تعترف الجهود الدولية بهذه التأثيرات الاقتصادية العالمية وتخفف من حدتها.
الجدول 1: الخصائص الرئيسية للصراعات الكبرى في الشرق الأوسط (2024-2025)
اسم الصراع | الجهات الفاعلة الرئيسية | الدوافع الرئيسية | التأثيرات الرئيسية | الوضع الحالي/الديناميكيات |
المواجهة الإسرائيلية-الإيرانية | إسرائيل، إيران، حماس، حزب الله، الحوثيون، الولايات المتحدة | الأمن، الهيمنة الإقليمية، مصالح الوكلاء | تصعيد مباشر، تحول ميزان القوى، تهديد الملاحة العالمية | تصعيد مباشر، تفوق جوي إسرائيلي، ضعف إيران ووكلاءها (باستثناء الحوثيين)، خطر حرب شاملة |
الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني | إسرائيل، حماس، السلطة الفلسطينية، المستوطنون | الأمن، تقرير المصير، السيطرة على الأراضي | أزمة إنسانية كارثية، دمار البنية التحتية، ضم الضفة الغربية، تآكل آفاق السلام | مرحلة تدميرية جديدة، تهجير واسع، قمع صريح، جمود دبلوماسي |
الحرب الأهلية السورية | هيئة تحرير الشام، الجيش السوري، تركيا، إسرائيل، الولايات المتحدة، إيران، روسيا | السيطرة على السلطة، الأمن، مصالح القوى الخارجية | فوضى ما بعد النظام، تحديات حوكمة، نزوح، تدخلات إقليمية ودولية | انهيار نظام الأسد، صعود هيئة تحرير الشام، استمرار التجزئة وعدم الاستقرار |
الصراع في السودان | قوات الدعم السريع، الجيش السوداني، الإمارات، مصر، إيران، إريتريا، السعودية، الولايات المتحدة | السيطرة على السلطة، النفوذ الإقليمي، مصالح القوى الخارجية | كارثة إنسانية (نزوح، مجاعة، عنف جنسي)، تجزئة سياسية، زعزعة استقرار إقليمية | جمود مسلح، تدخل خارجي مكثف، أزمة إنسانية متفاقمة |
الصراع في اليمن | الحوثيون، الحكومة اليمنية، التحالف السعودي-الإماراتي، إيران، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة | السيطرة على الأراضي، التضامن الإقليمي، مصالح القوى الخارجية | أزمة إنسانية كبرى، تعطيل الشحن الدولي، هجمات الحوثيين في البحر الأحمر | صراع طويل الأمد، هجمات الحوثيين تؤثر عالميًا، جهود سلام متعثرة |
3. التأثيرات الشاملة والعوامل الأساسية
تتقاسم الصراعات الرئيسية في الشرق الأوسط عدة تأثيرات مشتركة وتغذيها عوامل أساسية متفشية تُديم عدم الاستقرار.
على امتداد مناطق الصراع (غزة، السودان، اليمن، سوريا)، يواجه الملايين النزوح، ونقصًا حادًا في الغذاء، وظروف المجاعة، وعدم كفاية الوصول إلى الرعاية الصحية والخدمات الأساسية.4 وتنتشر انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي والهجمات على البنية التحتية المدنية.4
تؤدي النزاعات إلى مصاعب اقتصادية كبيرة، مما يعيق التنمية ويسبب فقرًا واسع النطاق.5 تؤدي الاضطرابات في طرق التجارة، مثل البحر الأحمر، إلى عواقب اقتصادية عالمية، مما يزيد من تكاليف الشحن ويؤثر على سلاسل الإمداد.10 يمكن أن يؤدي الاعتماد على ريع الموارد الطبيعية (مثل النفط) إلى تغذية الاستبداد وتفاقم الصراع.14 يمكن أن تلحق العقوبات (على سبيل المثال، على إيران وسوريا) أضرارًا بالغة بالاقتصادات، مما يعيق جهود التعافي وإعادة الإعمار.2
غالبًا ما تؤدي الصراعات إلى قمع سياسي شديد، وضعف المؤسسات، وسوء الحوكمة، والتي بدورها يمكن أن تكون دوافع رئيسية لتكرار الصراع.14 يؤدي تجزئة الدول، كما هو الحال في سوريا واليمن والسودان، إلى ظهور مجموعات مسلحة متعددة ومآزق سياسية، مما يجعل الحوكمة الموحدة صعبة.4 يزيد نقص المساءلة وتآكل الخدمات الاجتماعية من زعزعة استقرار السكان المتضررين.5
تلعب القوى الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا والصين، أدوارًا مهمة، غالبًا من خلال الوجود العسكري أو المساعدات أو المشاركة الدبلوماسية.2 تنخرط القوى الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وتركيا في "تعدد الانتماءات"، وتتعاون في بعض القضايا بينما تعارض في قضايا أخرى، مما يؤجج اقتصادات الصراع المعقدة ويديم العنف.2 هذا التدخل الخارجي، غالبًا من خلال القوات الوكيلة، يؤدي إلى تفاقم الصراعات وإطالة أمدها، مما يجعل الحل الداخلي أكثر صعوبة.4
يُظهر التحليل المفصل للسودان وسوريا واليمن باستمرار أن الجهات الفاعلة الخارجية (مثل الإمارات، ومصر، وإريتريا، وإيران، وتركيا، والولايات المتحدة، وروسيا) متورطة بعمق، وغالبًا ما تقدم الدعم المالي أو العسكري أو السياسي لمختلف الفصائل المتحاربة.2 هذا الدعم، الذي تدفعه مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية الخاصة (مثل النفوذ في البحر الأحمر، والسيطرة على الموارد، ومواجهة المنافسين)، يحول الصراعات الداخلية بشكل فعال إلى حروب بالوكالة. تضمن هذه الديناميكية إمدادًا مستمرًا بالموارد والدعم الاستراتيجي للأطراف المتحاربة، وبالتالي "إدامة العنف على المدى الطويل" وجعل الصراعات "أكثر استمرارًا" و"أقل استجابة لأشكال الحل التقليدية".16 يزيد اتجاه "تعدد الانتماءات" 16 من تعقيد هذا الأمر، حيث قد تدعم القوى الخارجية أو تعارض بشكل انتقائي فصائل مختلفة، مما يخلق شبكة معقدة ومتغيرة من الولاءات التي تمنع النتائج الواضحة أو السلام الدائم. لا يمكن تحقيق السلام المستدام في الشرق الأوسط من خلال المفاوضات الداخلية أو المساعدات الإنسانية وحدها. بل يتطلب بشكل حاسم نهجًا دوليًا منسقًا لإدارة، وحيثما أمكن، الحد من التأثير المزعزع للاستقرار للقوى الخارجية وتدخلاتها بالوكالة، من خلال معالجة مصالحها الأساسية وتعزيز رؤية مشتركة للاستقرار الإقليمي.
4. المرونة الإقليمية وإدارة الكوارث: حالة المغرب
بينما تهيمن الصراعات الجيوسياسية على عناوين الأخبار، تشكل الكوارث الطبيعية تهديدًا لا يقل أهمية، وإن كان مختلفًا، للاستقرار والأمن البشري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يقدم المغرب، الواقع في شمال إفريقيا، دراسة حالة مهمة للاستراتيجيات الوطنية الاستباقية في الحد من مخاطر الكوارث. البلد معرض بشدة لمجموعة من المخاطر الطبيعية، ويقدم إطاره المتطور رؤى قيمة في بناء المرونة.
تُظهر الشواهد من المغرب تحولًا حكوميًا واضحًا من الاستجابة الطارئة بعد الكارثة إلى استراتيجية استباقية ومتكاملة لإدارة مخاطر الكوارث. يتجلى هذا في إنشاء مديرية مخصصة لإدارة مخاطر الكوارث 18، واعتماد استراتيجية وطنية شاملة للحد من مخاطر الكوارث (2021-2030) 19، وتطبيق إطار قانوني قوي (القانون 110.14 لتغطية عواقب الوقائع الكارثية) يتضمن كلاً من التأمين الخاص وصندوق التضامن العام.20 علاوة على ذلك، تؤكد الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية المرنة 18، ورسم خرائط المخاطر 25، وأنظمة الإنذار المبكر 18 هذا الموقف الاستباقي. هذا النهج المنهجي متعدد الأوجه، الذي يشمل وزارات مختلفة وسلطات محلية، هو مؤشر قوي على الحوكمة الجيدة. تُسلط تجربة المغرب الضوء على أن الإدارة الفعالة للكوارث ليست مجرد قضية فنية أو إنسانية، بل هي مكون أساسي للحوكمة الوطنية والاستقرار على المدى الطويل. من خلال الاستثمار في التأهب والوقاية والحماية المالية، يقلل المغرب من تعرضه للصدمات الطبيعية، وبالتالي يحرر الموارد والقدرات التي قد يتم تحويلها بواسطة الاستجابة للكوارث. يقدم هذا النموذج الاستباقي دروسًا قيمة لدول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسعى إلى تعزيز مرونتها ضد التهديدات غير المتعلقة بالصراعات، مما يساهم في نهاية المطاف في استقرار إقليمي أوسع.
4.1. أنواع المخاطر الطبيعية في المغرب
يُعد المغرب عرضة لمجموعة من المخاطر الطبيعية، بما في ذلك:
الزلازل والتسونامي.25
الفيضانات.25
تحركات الكتل الأرضية (الانهيارات الأرضية).25
حرائق الغابات.25
اجتياح الجراد.25
المخاطر التكنولوجية والكيميائية.25
من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم هذه المخاطر، وخاصة المخاطر الهيدرومائية مثل الفيضانات وتآكل السواحل.18
4.2. الأطر القانونية والمؤسسية لإدارة الكوارث
أحرز المغرب تقدمًا كبيرًا في إنشاء إطار شامل لإدارة مخاطر الكوارث:
الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث (2020-2030): تم اعتماد هذه الاستراتيجية في عام 2021 بهدف تحسين معرفة المخاطر وتقييمها، وتعزيز الوقاية والمرونة، وتقوية التأهب والاستجابة.19 وقد تُرجمت إلى خطة عمل ذات أولوية (2021-2023) وخطة عمل تنفيذية (2021-2026) تغطي 18 برنامجًا و57 مشروعًا.18
مديرية إدارة مخاطر الكوارث: أنشئت هذه المديرية الجديدة في عام 2020 تحت إشراف وزارة الداخلية، ولها مسؤوليات محددة بوضوح وقدرة مؤسسية متنامية تضم أكثر من 80 موظفًا بدوام كامل.18 ويجري تعزيز مرصد وطني للمخاطر داخل هذه المديرية.18
القانون 110.14 المتعلق بتغطية عواقب الوقائع الكارثية: صدر هذا القانون في عام 2016 ودخل حيز التنفيذ في عام 2020، ويوفر تعويضًا عن الأضرار الجسدية والمادية الناتجة عن الكوارث الطبيعية وتلك التي من صنع الإنسان.20 يعمل بنظام مزدوج: تأمين خاص للمؤمن عليهم وصندوق تضامن ضد الوقائع الكارثية لغير المؤمن عليهم.21 وقد صرف الصندوق 300 مليون دولار بعد زلزال الحوز.18
المجلس الوطني للبيئة: يلعب هذا المجلس دورًا في تحديد السياسات الحكومية البيئية، وتنسيق الإجراءات، والوقاية من الكوارث الطبيعية.33
الوكالات الحضرية: تؤكد الوكالة الحضرية للدار البيضاء، على سبيل المثال، على تطوير نُهج استباقية وخطط طوارئ للكوارث الطبيعية.32
آليات التمويل: يمول صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، بدعم من البنك الدولي، استثمارات الحد من المخاطر والتأهب على المستوى المحلي.18 كما حصل المغرب على قرض بقيمة 275 مليون دولار من البنك الدولي للاستجابة للكوارث.21
4.3. مشاريع مرونة البنية التحتية والوقاية
يستثمر المغرب بنشاط في البنية التحتية والتخطيط لتعزيز المرونة ضد الكوارث:
مقاومة الزلازل:
تهدف اللوائح مثل RPS2000 (2011) وRPCT (للبناء الطيني) إلى ضمان سلامة المباني ضد الزلازل.36
تشمل مبادئ البناء الرئيسية الأسس المرنة، والعزل القاعدي، والدعامات المتقاطعة، وجدران القص، والجدران الداخلية المقواة.37
تُبذل جهود كبيرة لإعادة الإعمار والتأهيل بعد زلزال الحوز، ببرنامج مخصص بقيمة 120 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار) لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية، وإنشاء احتياطيات استراتيجية.38
تم إنشاء محطة زلزالية جديدة في شيشاوة لتعزيز رصد الزلازل.42
الوقاية من الفيضانات:
تُستخدم أعمال هندسية واسعة النطاق، بما في ذلك بناء السدود، وحواجز العواصف، والبوابات، والمضخات، وتحسين قنوات الأنهار للتحكم في الفيضانات.43
يتضمن مشروع "المجمع الغربي الكبير" (SCO) في الدار البيضاء، بميزانية 900 مليون درهم، قناة تحت أرضية لتحويل مياه فيضانات وادي بوسكورة مباشرة إلى البحر.23
يُعد رسم خرائط المخاطر والدراسات الهيدرولوجية أمرًا بالغ الأهمية لتحديد المناطق المعرضة للفيضانات ووضع خطط الوقاية.26
دمج التخطيط الحضري:
تُبذل جهود لدمج إدارة مخاطر الكوارث في وثائق التخطيط الحضري، وتنظيم استخدام الأراضي في المناطق المعرضة للفيضانات للحد من التوسع الحضري وتعزيز المرونة.21
تُجرى دراسات لتحديد وإدارة المخاطر الطبيعية (تحركات الأرض، الفيضانات، الزلازل، المخاطر الساحلية) في جهة الدار البيضاء-سطات.46
4.4. التأهب والاستجابة للطوارئ
وضع المغرب خططًا وآليات مختلفة للاستجابة الفعالة للطوارئ:
خطط الطوارئ الوطنية:
مخطط تنظيم الإغاثة (ORSEC): خطة وطنية لتنظيم وتنسيق جهود الإغاثة أثناء الكوارث، تشمل مختلف الكيانات الحكومية والخاصة.47
مخطط مكافحة التلوث البحري العرضي (POLMAR): خطة طوارئ وطنية لمكافحة التلوث البحري الشديد الناتج عن المواد النفطية والمواد الضارة الأخرى، وتشمل الكشف والاستجابة السريعة والتعاون الدولي.25 تُجرى تمارين ميدانية منتظمة ("سيملكس") لاختبار وتحديث هذه الخطة.25
الوقاية المدنية:
تلعب دورًا حيويًا في الإنقاذ ومكافحة الحرائق والإسعافات الأولية، بأسطول كبير من سيارات الإسعاف وشاحنات الإطفاء.51
تركز على تعزيز "ثقافة الدفاع المدني" وتعزيز الشعور بالمسؤولية المشتركة بين المواطنين.25
منصات الطوارئ الجهوية:
يجري إنشاء منصات طوارئ جهوية جديدة في جميع أنحاء جهات المغرب الـ12 لتعزيز الأمن الصحي وقدرات الاستجابة السريعة.53 تشمل هذه المنصات معدات طبية وصحية متطورة، ووحدات طبية متنقلة، ومخزونات استراتيجية من الإمدادات الأساسية.53
أنظمة الإنذار المبكر:
تم تفعيل نظام إنذار مبكر لمخاطر الفيضانات في أربع مناطق تجريبية منذ عام 2023، مما أفاد حوالي 240 ألف شخص بشكل مباشر.18
التوعية العامة والتعليم:
تُعد حملات التوعية العامة جزءًا من الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث، وتهدف إلى تثقيف السكان حول التأهب والاستجابة.18 ويشمل ذلك تعزيز الشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية.52
4.5. التحديات ومجالات التحسين في الحد من مخاطر الكوارث بالمغرب
على الرغم من التقدم الكبير، لا تزال هناك تحديات في جهود إدارة الكوارث في المغرب:
فجوات التنفيذ: تشير التقارير إلى تأخيرات في إعادة بناء المساكن بعد الزلزال ومخاوف بشأن فعالية بعض الإجراءات.55
التنسيق: هناك حاجة معترف بها لتحسين التنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة على المستويين المركزي والمحلي.30
التوعية العامة: بينما توجد حملات توعية، هناك حاجة مستمرة لتعزيز ثقافة التأهب وضمان فهم الجمهور للمخاطر وبروتوكولات الاستجابة.32
الاستدامة المالية: على الرغم من تخصيص أموال كبيرة، أثيرت مخاوف بشأن الاستخدام الفعال واحتمال الفساد.55
دمج تغير المناخ: تتطلب الزيادة في تواتر وشدة المخاطر الهيدرومائية بسبب تغير المناخ تكيفًا مستمرًا ودمجًا في استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث.18
5. الجهود الدبلوماسية ومسارات الحل
تتنوع الجهود الدبلوماسية في الشرق الأوسط، بدءًا من المبادرات متعددة الأطراف وصولًا إلى المشاركات الثنائية، ومع ذلك تواجه تحديات هائلة في تحقيق سلام دائم.
5.1. نظرة عامة على مبادرات الوساطة
الجهود التي تقودها الأمم المتحدة: تشارك الأمم المتحدة في عمليات سلام مختلفة، بما في ذلك مرفق دعم السلام في اليمن 13 وجهود تحويل الهدنات إلى وقف دائم لإطلاق النار.12 وقد كان من المقرر عقد مؤتمر رفيع المستوى للأمم المتحدة حول حل الدولتين لإسرائيل والفلسطينيين، برئاسة مشتركة من فرنسا والمملكة العربية السعودية، في يونيو 2025، لكنه تأجل بسبب التوترات.6 كما تدعم الأمم المتحدة تنفيذ إطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث.45
الوساطة الإقليمية: لعبت مصر وقطر والمملكة العربية السعودية أدوارًا رئيسية في التوسط في محادثات وقف إطلاق النار في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.4 كما استضافت المملكة العربية السعودية محادثات حول الصراع في السودان في جدة.4 وتُعد عمان وسيطًا رئيسيًا في الصراع اليمني.10
المشاركات الثنائية: عينت الولايات المتحدة مبعوثين خاصين للسودان واليمن 4 وتشارك بنشاط في التوسط في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وغالبًا ما تضغط على الأطراف لوقف إطلاق النار.4 وتمتد الجهود الدبلوماسية الأمريكية أيضًا إلى تعزيز النظم الصحية والأمن الصحي الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.17
5.2. تحديات بناء السلام
المواقف المتصلبة وانعدام الثقة: غالبًا ما تعرقل العداوات العميقة والمطالب المتطرفة من الأطراف المتحاربة المفاوضات.4
التدخل الخارجي: يؤدي تورط قوى خارجية متعددة ذات مصالح متضاربة غالبًا إلى تأجيج الصراعات بالوكالة وتقويض جهود السلام.4
التجزئة السياسية: يجعل تجزئة الدول وانتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية من الصعب تحديد المحاورين الشرعيين وتنفيذ الاتفاقيات.4
العقبات الإنسانية: يؤدي عرقلة المساعدات وتسليح الخدمات الأساسية إلى زيادة تعقيد الجهود الدبلوماسية وتآكل الثقة.5
العقوبات: على الرغم من أنها تهدف إلى الضغط على الأنظمة، يمكن أن تعيق العقوبات أيضًا الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار، مما يعاقب السكان المدنيين.9
5.3. فرص خفض التصعيد والسلام المستدام
الضغط الدولي المنسق: يمكن لموقف موحد من القوى الدولية والإقليمية الرئيسية أن يجبر الأطراف على الانخراط بشكل بناء أكثر.4
معالجة الأسباب الجذرية: يُعد التركيز على قضايا الحوكمة، والتفاوت الاقتصادي، وحقوق الإنسان أمرًا بالغ الأهمية للاستقرار على المدى الطويل، حيث غالبًا ما تؤدي الحوكمة الضعيفة إلى الصراع.6
مراجعة العقوبات: يمكن أن يؤدي إعادة تقييم تأثير العقوبات وربما رفعها دون شروط في المناطق ما بعد النظام مثل سوريا إلى تسهيل الانتعاش.9
الدبلوماسية متعددة المسارات: يمكن أن يؤدي إشراك مجموعة أوسع من الجهات الفاعلة، بما في ذلك المجتمعات المحلية، والمجتمع المدني، وشبكات النساء، إلى بناء دعم محلي لعمليات السلام.13
على الرغم من تعدد المبادرات الدبلوماسية (الأمم المتحدة، الإقليمية، الثنائية)، لا تزال العديد من الصراعات في الشرق الأوسط في "حالة جمود" 15 أو "طويلة الأمد" و"أقل استجابة لأشكال الحل التقليدية".16 هذا يشير إلى أن الدبلوماسية التقليدية التي تركز على الدول تكافح لمعالجة الصراعات التي تتميز بالتجزئة السياسية العميقة، وانتشار الجماعات المسلحة غير الحكومية، والمصالح الخارجية الكبيرة، والمتضاربة غالبًا، التي تديم العنف بنشاط.4 تعني تعقيدات "تعدد الانتماءات" 16 أن الجهات الفاعلة الخارجية قد تتعاون في بعض القضايا بينما تعارض في قضايا أخرى، مما يخلق شبكة من الولاءات التي تقوض جهود السلام المتماسكة. تتطلب استراتيجية دبلوماسية أكثر فعالية للصراعات المجزأة في الشرق الأوسط تجاوز المفاوضات التقليدية بين الدول. تتطلب نهجًا متعدد المسارات يشرك مجموعة أوسع من الجهات الفاعلة، بما في ذلك المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والجماعات المسلحة غير الحكومية (حيثما كان ذلك ممكنًا). علاوة على ذلك، تتطلب نهجًا أكثر تنسيقًا وأقل اهتمامًا بالمصالح الذاتية وأكثر توحيدًا من القوى الخارجية لتقليل تأثيرها المزعزع للاستقرار ودعم التحولات السياسية الشاملة وإصلاحات الحوكمة بشكل حقيقي.
الجدول 2: نظرة عامة على المبادرات الدبلوماسية الرئيسية ووضعها (2024-2025)
اسم المبادرة | الصراعات المستهدفة | الوسطاء/الجهات الفاعلة الرئيسية | الأهداف | الوضع الحالي | النتائج/التحديات الرئيسية |
مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين | الإسرائيلي-الفلسطيني | الأمم المتحدة، فرنسا، السعودية | إحياء عملية السلام، حل الدولتين | مؤجل | تأجل بسبب تصاعد التوترات، عدم وجود توافق على الشروط الأساسية |
محادثات جدة | السودان | السعودية، الولايات المتحدة | وقف إطلاق النار، تقاسم السلطة | تقدم ضئيل | عدم إحراز تقدم كبير، استمرار القتال، تدخلات خارجية |
محادثات البحرين (يناير 2024) | السودان | أبو ظبي، القاهرة | تقريب الأطراف، رؤية لتقاسم السلطة | لم تُستأنف بعد | كانت المحاولة الأكثر جدية، ولكنها لم تُستأنف |
مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة | الإسرائيلي-الفلسطيني | مصر، قطر، الولايات المتحدة | وقف دائم لإطلاق النار، إطلاق سراح الرهائن، انسحاب إسرائيلي، إعادة إعمار | متعثرة | حماس تضغط من أجل نهاية دائمة، إسرائيل تصر على هدنة مؤقتة، عرقلة المساعدات |
مرفق الأمم المتحدة لدعم السلام | اليمن | الأمم المتحدة، عمان، الولايات المتحدة | دعم عملية السلام الوطنية، تنفيذ اتفاق ستوكهولم | مستمر، لكن الصراع يتفاقم | الأطراف تستعد للمواجهة العسكرية، تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يعقد الجهود |
6. الخلاصة: التوقعات الاستراتيجية وسيناريوهات المستقبل
يقدم الشرق الأوسط في عامي 2024-2025 مشهدًا معقدًا وخطيرًا. تُبرز المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، إلى جانب الدمار المستمر في غزة والضفة الغربية، وتجزئة سوريا، والكارثة الإنسانية في السودان واليمن، منطقة في حالة تغير مستمر. هذه الصراعات ليست معزولة بل مترابطة بعمق، وغالبًا ما تؤدي الإجراءات في مسرح واحد إلى تأثيرات متتالية عبر مناطق أخرى، مما يؤثر على التجارة والأمن العالميين. التكاليف البشرية والاقتصادية هائلة، وتهدد الاستقرار والتنمية على المدى الطويل. بينما توجد جهود دبلوماسية، إلا أنها غالبًا ما تُعيقها المواقف المتصلبة، وانعدام الثقة، والتأثير المنتشر للجهات الفاعلة الخارجية. تُسلط حالة المغرب في إدارة الكوارث الاستباقية الضوء على بُعد متناقض، ولكنه حيوي بنفس القدر، للاستقرار الإقليمي: أهمية المرونة الداخلية القوية ضد التهديدات غير المرتبطة بالصراعات.
لا تزال المسارات المستقبلية للشرق الأوسط غير مؤكدة. بدون عمل دولي منسق ومتضافر، تخاطر المنطقة بتجزئة طويلة الأمد، واستمرار الأزمات الإنسانية، ومزيد من تصعيد الصراعات. ومع ذلك، توجد فرص لخفض التصعيد وإعادة الإعمار المحدودة إذا قامت القوى الخارجية بمواءمة مصالحها نحو الاستقرار، وإذا تم السعي بجدية لإصلاحات الحوكمة الداخلية.
7. التوصيات
للتخفيف من حدة الصراعات المستمرة، ومعالجة الأزمات الإنسانية، وتعزيز الاستقرار والمرونة على المدى الطويل في الشرق الأوسط، تُعد التوصيات التالية حاسمة:
7.1. للصراعات الجيوسياسية:
تعزيز الدبلوماسية متعددة الأطراف: يجب على الهيئات الدولية (مثل الأمم المتحدة، جامعة الدول العربية) والقوى العالمية/الإقليمية الرئيسية تعزيز التنسيق لتطوير استراتيجيات دبلوماسية موحدة ومتماسكة لحل النزاعات. يشمل ذلك الضغط المستمر على جميع الأطراف للالتزام بالقانون الدولي والمبادئ الإنسانية.
معالجة الأسباب الجذرية: يجب تركيز الجهود الدبلوماسية والتنموية على معالجة الدوافع الأساسية للصراع، بما في ذلك سوء الحوكمة، والتفاوتات الاقتصادية، وانتهاكات حقوق الإنسان، ونقص المشاركة السياسية الشاملة.
إدارة التدخل الخارجي: يجب تطوير آليات للحد من التأثير المزعزع للاستقرار للقوى الخارجية وتدخلاتها بالوكالة، وربما إدارتها، من خلال حوارات أمنية إقليمية تضع معايير عدم التدخل.
إعطاء الأولوية للمساعدات الإنسانية والحماية: يجب ضمان الوصول غير المعوق للمساعدات الإنسانية لجميع السكان المتضررين ومحاسبة جميع الأطراف على انتهاكات القانون الإنساني الدولي. يجب دعم جهود التعافي وإعادة الإعمار على المدى الطويل لتكون شاملة ومستدامة.
7.2. للمرونة الإقليمية (استنادًا إلى دراسة حالة المغرب):
تعزيز الإدارة المتكاملة لمخاطر الكوارث: يجب تشجيع ودعم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تبني استراتيجيات وطنية شاملة واستباقية للحد من مخاطر الكوارث، على غرار نموذج المغرب. يشمل ذلك أطرًا قانونية قوية، وهيئات مؤسسية مخصصة، ومسؤوليات واضحة عبر المستويات الحكومية.
الاستثمار في البنية التحتية المرنة وأنظمة الإنذار المبكر: يجب إعطاء الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية التي يمكنها تحمل المخاطر الطبيعية (مثل المباني المقاومة للزلازل، وأنظمة الحماية من الفيضانات) وتوسيع نطاق تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر الفعالة لمختلف المخاطر في جميع أنحاء المنطقة.
تطوير آليات حماية مالية قوية: يجب دعم إنشاء صناديق تأمين وتضامن مزدوجة (عامة وخاصة) لتوفير الحماية المالية للسكان المتضررين من الكوارث، مما يضمن تعويضًا سريعًا وعادلاً.
تعزيز الوعي العام والتعليم: يجب تنفيذ حملات توعية عامة مستمرة ودمج تعليم التأهب للكوارث في المناهج الوطنية لتعزيز ثقافة المرونة وتمكين المجتمعات من الاستجابة بفعالية.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في الحد من مخاطر الكوارث: يجب تعزيز تبادل المعرفة والمساعدة الفنية والمبادرات المشتركة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومع الشركاء الدوليين لتعزيز القدرة الجماعية على الحد من مخاطر الكوارث والاستجابة لها.
تعليقات
إرسال تعليق