القائمة الرئيسية

الصفحات

الإثبات في القانون المدني:  

القواعد والوسائل وفقاً للتشريع المغربي يعتبر الإثبات حجر الزاوية في أي نزاع قضائي، فهو الوسيلة التي تمكّن صاحب الحق من إقامة الدليل على صحة ادعائه أمام القضاء. وفي القانون المدني، لا يكفي الادعاء بالحق، بل يجب إثبات مصدر هذا الحق والواقعة المنشئة له. ينظم القانون المغربي، وتحديداً قانون الالتزامات والعقود، قواعد ووسائل الإثبات بشكل دقيق. مفهوم الإثبات وأهميته الإثبات هو إقامة الحجة أو الدليل أمام القضاء، بالطرق التي حددها القانون، على وجود واقعة قانونية ترتب عليها حق أو التزام. وتكمن أهميته في كونه الوسيلة العملية لحماية الحقوق؛ فالحق يتجرد من قيمته إذا عجز صاحبه عن إثباته. القاعدة الأساسية: عبء الإثبات القاعدة الأساسية في الإثبات يحكمها مبدأ جوهري نص عليه الفصل 399 من قانون الالتزامات والعقود المغربي: "إثبات الالتزام على مدعيه". المدعي هو الملزم بالإثبات: من يدعي أنه دائن لشخص ما، عليه أن يثبت مصدر هذا الدين (عقد، إقرار، إلخ). إثبات البراءة على من يدعيها: إذا أثبت المدعي وجود الالتزام، ينتقل عبء الإثبات إلى المدعى عليه (المدين)، الذي يجب عليه أن يثبت أنه أوفى بالدين أو أن الالتزام قد انقضى لسبب من الأسباب (الوفاء، التقادم، الإبراء). وهذا ما نص عليه الفصل 400: "إذا أثبت المدعي وجود الالتزام، كان على من يدعي انقضاءه أو عدم نفاذه تجاهه أن يثبت ادعاءه". وسائل الإثبات في القانون المغربي حدد الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود وسائل الإثبات الخمس الرئيسية وهي: الإقرار (L'aveu) الحجة الكتابية (La preuve littérale) شهادة الشهود (La preuve testimoniale) القرينة (La présomption) اليمين والنكول عنها (Le serment et le refus de le prêter) فيما يلي تفصيل لكل وسيلة: 1. الإقرار هو اعتراف الخصم بواقعة قانونية يدعيها عليه خصمه. والإقرار حجة قاطعة على صاحبه. وهو نوعان: إقرار قضائي: هو الذي يتم أمام القضاء أثناء سير الدعوى. إقرار غير قضائي: هو الذي يتم خارج مجلس القضاء. 2. الحجة الكتابية (الدليل الكتابي) تعتبر الكتابة من أقوى وسائل الإثبات وأكثرها شيوعاً، لأنها دليل مُعد مسبقاً لحفظ الحقوق. وتنقسم إلى نوعين: الورقة الرسمية: هي التي يحررها موظف عمومي له صلاحية التوثيق في مكان تحريرها (مثل المحررات التي ينجزها العدول أو الموثقون). وتتمتع الورقة الرسمية بحجية قوية، ولا يمكن الطعن فيها إلا بالزور. الورقة العرفية: هي التي يحررها الأفراد فيما بينهم دون تدخل موظف عمومي. ولكي تكون حجة، يجب أن تكون موقعة من الشخص الذي يحتج بها عليه. وقد أضاف القانون المغربي المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني كشكل من أشكال الكتابة العرفية، مانحاً إياها نفس القوة الثبوتية إذا كانت موثوقة وقانونية. قاعدة هامة: في الالتزامات التي تتجاوز قيمتها 10,000 درهم، لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود، بل يجب إثباتها بالكتابة (الفصل 443). 3. شهادة الشهود هي إخبار شخص بما رآه أو سمعه أو أدركه بحواسه في واقعة معينة ذات صلة بالنزاع. وهي وسيلة إثبات مقبولة لكنها تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي يقيم مدى مصداقيتها. وكما ذكرنا، لا تقبل كدليل في الالتزامات المدنية الكبيرة التي تستلزم دليلاً كتابياً. 4. القرائن (Presumptions) القرينة هي استنتاج المشرع أو القاضي لأمر مجهول من أمر معلوم. وهي نوعان: قرينة قانونية: هي التي ينص عليها القانون مباشرة، مثل قرينة براءة الذمة (الأصل أن الشخص بريء الذمة حتى يثبت العكس)، وقرينة المسؤولية (مثل مسؤولية حارس الشيء عن الضرر الذي يحدثه). بعض القرائن قاطعة لا تقبل إثبات العكس، وبعضها بسيط يمكن دحضه. قرينة قضائية (أو إنسانية): هي التي يستخلصها القاضي من وقائع الدعوى وظروفها (مثل استنتاج علاقة عمل من خلال وجود عنصر التبعية والأجر). 5. اليمين (Le Serment) هي إشهاد الله تعالى على صدق ما يقوله الحالف. وهي آخر وسيلة يلجأ إليها في الإثبات عند غياب أي دليل آخر. وهي نوعان: اليمين الحاسمة: هي التي يوجهها أحد الخصوم لخصمه ليحسم بها النزاع نهائياً. إذا حلف من وجهت إليه اليمين، كسب الدعوى. وإذا رفض (نكَلَ عن اليمين)، خسرها. اليمين المتممة: هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه لأحد الخصوم عندما لا يكون الدليل المقدم في الدعوى كافياً، وذلك ليستكمل به اقتناعه.

تعليقات